للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبتسمان إليه، ويبتسم إليهما"، كذا في الشفاء. (١) وفي الشفاء أنه كان يجلس حيث انتهى به المجلس، ويجلس بين أصحابه مختلطًا بهم. (٢)

والظاهرُ أن معنى ذلك أنه حين يخرج إليهم لا يتخطى رقابَهم، ولكن يجلس حيث انتهى به المجلس؛ ففي صحيح البخاري عن أبي واقد الليثي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما أحدهما: فرأى فرجةً في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبًا، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدُهم فأوى إلى الله فآواه الله إليه، وأما الآخر فاستَحْيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض اللهُ عنه"". (٣)

وفي أسباب النزول والتفسير أن رسول الله كان يُكرِم أهلَ بدر من المهاجرين والأنصار، وأن ناسًا منهم جاؤوا إلى مجلسه فلم يجدوا موضعًا فقاموا مواجهين له ولم يوسع لهم أحد، فقال رسول الله لبعض مَنْ حوله من غير أهل بدر: قم يا فلان ويا فلان، وفي ذلك نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا} [المجادلة: ١١]، وسيأتي تفصيلُه في ذكر آداب مجلسه.

وربما وقف السامعُ إلى حديث رسول الله. وفي البخاري: باب من سأل وهو قائم عالِمًا جالسًا، وأخرج حديث أبي موسى الأشعري: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله؟ فرفع رسول الله رأسه إليه وقال: "مَنْ


(١) اليحصبي: الشفا، ص ٢٦٣.
(٢) اليحصبي: الشفا، ص ٧٧؛ الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة: الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية، تحقيق صلاح الدين محمود السعيد (المنصورة/ مصر: دار الغد الجديد، ١٤٢٦/ ٢٠٠٥)، ص ١٤٥.
(٣) صحيح البخاري، "كتاب العلم"، الحديث ٦٦، ص ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>