للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُلَساء المقاهي والحوانيت غالبهم ممن لا يشتغل إلا بأحجار الطاولة والدومينو والكارطة [الورق] ولهو الحديث، مع أنّ الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤]، وبعضهم يشتغل بشرب الدخان عند تلاوة القرآن الكريم بالمذياع. وقد ذكر الشيخ الأمير (١) في مجموعه في باب الجمعة أنه يحرم تعاطي ما له رائحة كريهة في المسجد والمحافل، وعند قراءة القرآن الكريم يشتدّ التحريم لما في ذلك من عدم التعظيم لكتاب الله.

ورأيت بعدد ١٦ من مجلة "هدى الإسلام" من سنتها الثانية أنّ وزارة الأوقاف أصدرت أوامرَها لرجال البوليس بالتنبيه على أصحاب محطات الإذاعة بمصر بعدم إذاعة القرآن الكريم في محطاتها منعًا لقراءته في الأماكن التي لا يليق بكرامة القرآن إذاعته فيها. ونشر هذا الأمر في بعض جرائد القاهرة التي صدرت في ٣٠ يوليو سنة ١٩٣٣. وفي العدد المذكور صرح بحرمة قراءة القرآن في الراديو الأستاذ علي فكري الأمين الأول لدار الكتب المصرية. كما رأيت بالمجلة نفسها فتوى من الشيخ محمد سليمان مخيمر من علماء مصر قال فيها: إنّ قراءة القرآن بالراديو من أكبر الكبائر.

ونشرت مجلة "الهداية الإسلامية" مسامَرة في الموضوع للعلّامة المرحوم الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية سابقًا، أثبت فيها أنّ المسموع بواسطة الراديو هو قرآن حقيقة، وقال: إنّه يجوز في الأماكن غير الممتهنة، ويمنع فيها بالاختصار. وهنا ربما يقال: إنّ التحرُّز من المكان الممتهن غير ممكن ضرورة أنّ لكل مشترك أن يستمع ما بالراديو، ولا شكّ أنّ غالبهم من أصحاب المحلات الممتهنة، فهل يقال حينئذٍ بالمنع مطلقًا سدًّا للذريعة التي هي من قواعد المذهب؟


(١) هو أبو عبد الله محمد بن محمد الشهير بالأمير، من فقهاء المذهب المالكي في مصر، عالم مدقق وفقيه محقق، له تصانيف كثيرة. توفِّي سنة ١٢٣٢/ ١٨١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>