للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقِرَّ بطل إقراره إلا في النسب؛ (١) لأن مرادهم بذلك التكذيب أنه كان قبل ثبوت النسب.

٥٤ - وأما المحوز فهو نسبُ مَنْ يولد لذي فراشٍ صحيح، وهو فراش الحرة أو الأمة. فإن كان ابنَ الحرة لم يبطل نسبه لأبيه إلا باللعان فيه بشروط (وللِّعان مبحث خاص)، وإذا نفى حملًا لمعتدة من طلاقه البائن فإنه يتعذر اللعان. وهذا عند الحنفية؛ لأن اللعان لا يقع إلا بين زوجين لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦]. والمطلقة البائنة ليست بزوجة، فلا تجري الملاعنة معها، وبذلك يكون الحملُ لازمًا للمطلِّق.

في المالكي لا تعجيزَ في النسب إثباتًا ولا نفيًا. (٢) وصورة عدم تأَتِّي اللعان أن المعتدة في طلاق بائن يجري بينها وبين مطلقها اللعان، إذا كان فيها حمل أو ولدت ولدًا ينفيه عن نسبه؛ لأن المطلق يدفع باللعان نسبًا يريد الانتفاءَ منه فلا بد من اللعان. (٣)

ولا متمسَّك للمخالف بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦]؛ لأن علة مشروعية اللعان هي نفي نسب تحقق أنه ليس منه، فتعطيل اللعان من حملها إبطالٌ لحكمة اللعان. ولأن المطلقة كانت زوجة فيُطلق عليها اسم الزوجة باعتبار ما كان والقرينة واضحة، كقوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٢]. ولأن لفظ الأزواج خرج مخرجَ الغالب؛ لأن رمي المرأة بعد أن تطلق نادر الوقوع، ولأن سبب نزول الآية في قضية قذف رجل امرأته بالزنى لا في نفي حمل. وأما اللعان لِنفي الحمل، فثبت بالسنة في قضية عويمر العجلاني.


(١) الدر المختار، ص ٧١٩ جزء ٤.
(٢) عبد الباقي على مختصر خليل، ص ١٤٢ جزء ٧.
(٣) تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، ص ١٨٨ جزء ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>