للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالموضوع هو أن تلك الأوقاف من أراضي بيت المال أُخذت منه بالحيلة، أي أخذها الأمراء ووقفوها. فهي أوقافٌ صادرة من غير مَنْ يملك، فرجعت إلى اعتبار صحة تصرف الولاة في أموال بيت مال المسلمين. ولذلك فما أُعطيَ منها لغير مُستحِقٍّ فهو عطيةٌ باطلة، وما أُعطِيَ منها لِمَنْ يستحقه فهو عطية صحيحة؛ لأنه تصرف بوجه شرعي، ولذا علل البلقيني بقوله: "لأن لهم في الخمس أكثرَ من ذلك".

وبهذا يتضح أن ليس مورد فتوى البلقيني على الأوقاف الأهلية أو العامة. وهذا الذي ذكره البلقيني قدرٌ مشترك يتفق فيه المذهب المالكي والمذهب الشافعي. وقد ذكر المسألةَ صاحبُ المعيار في نوازل الأحباس في مسألة تحبيس السلطان أحمد بن أبي سالم الجنان على ضريح جده، وذكر أن علماء فاس - البجائي والعمراني والمزذغي والعبدوسي والمزجلدي - أفتَوْا ببطلان ما حبسه السلاطين من عقار بيت المال إذا كان على غير المصارف المستحقة في بيت المال من أولادهم وأقاربهم بما هو مبسوط من صحيفة ٢٠٦ إلى صحيفة ٢١٠ من الجزء الرابع من المعيار من الطبعة الحجرية الفاسية. (١)

وأما ما ذكره من أن العلماء أفتوا للمرحوم محمد علي باشا خديوي مصر، فهو يشير إلى فتوى صدرت من مفتي الإسكندرية خاصة. وحاصل تلك الفتوى أن ولِيَّ الأمر له أن يمنع الناس من تحبيس أملاكهم فيما يستقبل سدًّا للذريعة واستنادًا لقول مَنْ قال بمنع الوقف؛ لأن أمر الأمير متى صادف قولًا مجتهدًا فيه نفذ. هذا حاصلها.


= ١٣٨٧/ ١٩٦٧)، ج ٢، ص ٣٠٥. وقد ساق المصنف كلام السيوطي بتصرف يسير، وأوردناه بلفظه كاملا.
(١) انظر الفتاوى المشار إليها في: الونشريسي: المعيار المعرب، ج ٧، ص ٣٠٥ - ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>