أتْشْجيك الحمائمُ كلَّ حينٍ ... وما في مُقلتَيْكَ لهنَّ رَشْحُ؟
أصخرٌ قلبُكَ المُعمَى عليهِ ... صَليبٌ لا يؤثِّرُ فيه قَدْحُ؟
سكِرْتَ بكأسِ غَيِّك أيَّ سُكرٍ ... ثقيلٍ ما أظنُّك منهُ تَصْحو
تَضيقُ خُطاك عن خيرِ البرايا ... وفيها إنْ قَصَدْتَ سِواه فَسْحُ
لقد صرَعَتْكَ حَرْبُ الغَيِّ صَرْعًا ... بقلبِكَ لا بجسمِك منه جُرحُ
وإلا فعِنانُ البَطَل خوّار [الكامل]:
هلّا فَلَيْتَ إليه ناحيةَ الفلا ... وبقِيتَ ما تَضْحَى بها مُتَخيِّلا
ومَشَيْتَ والسِّعلاةَ لا مُتَوِّحشًا ... وصَدَمْتَ حَرَّ الجمرِ لا مُتملمِلا
وصحِبتَ آلَ القَفْرِ منتجِعًا لهُ ... وترَكْتَ آلَكَ منهمُ مستبدِلا
ووَطِئتَ من شَوْكِ القَتَادِ أزاهرًا ... تَنْدَى وبالرَّمضاءِ رَوْضاً
شوقًا إلى قبرِ النبيِّ محمدٍ ... حتى تَحُلَّ بمُنتداهُ وتَنزِلا
حتى تُمرِّغَ حُرَّ خدِّك في ثَرَى ... عَرَصاتِهِ متضرِّعًا مُتَذلِّلا
هلّا سعَيْتَ إليه أغبرَ حافيًا ... وكأنْ ركِبتَ له أغَرَّ محُجَّلا
متألِّفًا للوَحْشِ في فَلَواتِها ... متأنِّسًا بظِبائها متعلِّلا
يَجْلُو عليك الصُّبحُ وجهًا مُشْرِقًا ... ويُريكَ جُنحُ الليل طَرْفًا أكحَلا
حتى تحُطَّ الرَّحْلَ في قبرٍ بهِ ... حَفَّتْ ملائكةُ السماواتِ العُلا
قبرِ النبيِّ الهاشميِّ محمدٍ ... أكْرِمْ بمنزلِهِ المقدَّسِ منزِلا
فإنّ عَزْمًا في الله لا يَبعُدُ معَه أمل [الكامل]:
هلَّا زجَرْتَ العِيسَ تَنْفُخُ في البَرى ... ووَصَلْتَ في الفَلَواتِ سَيْرَكَ بالسُّرى
حتى تُعفِّرَ وجنتَيْكَ بتُربةٍ ... من أجلِها ولها ذَمَمْنَا العَنْبرا