للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غاراتُ أيامي عليّ خَوارجٌ ... قَعَدِيُّها في طبعِه التحكيمُ (١)

ولواعجٌ يحتاجُ صالي حرِّها ... أمرًا به قد خُصَّ إبراهيمُ

ولقد أقولُ لصاحبٍ هُوَ بالذي ... أدركتُ من عِلمِ الزمانِ عليمُ

لا يأسَ من رَوْحِ الإله وإن قَسَتْ ... يومًا قلوبُ الخَلقِ فهْوَ رحيمُ

ولعلَّ مَيْتَ رجائنا يُحييهِ مَن ... يُحيي عظامَ المَيْتِ وهْي رميمُ

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وكلامُ شيخِنا أبي الحَسَن نظمًا ونثرًا بارع، ولضروبِ الإحسان جامع، وقد رأيتُ أن أختِمَ رَسْمَه بقطعةٍ وقصيدة حِجازيتَيْن، وقصيدتَيْنِ رَبّانيتَيْن؛ وهذه القصيدةُ الحِجَازّية أنشدتُها عليه [الطويل]:

حنيني إلى البيتِ العَتيقِ شديدُ ... وشوقي إلى وادي العقيقِ يزيدُ

فيا ليت شعري هل يُبَاحُ إليهما ... وصولٌ فيحظى بالوصال عميد؟

ومَنْ ليَ أنْ أُدعى إلى حَرَمَيْ هدًى ... وهل لي على تلك البقاعِ وفود؟

وهل ناقعٌ لي ماءُ زمزمَ غُلّةً ... لها بين أحناءِ الضلوعِ وَقود؟

وهل أنثني نحو الرسولِ لِطَيْبَةٍ ... فيدنو لقلبي مِنْ مُناهُ بعيد؟

وألصقُ خدّي من ضريحِ محمدٍ ... بحيثُ تلاقتْ في ثراه خدود

وحيث استهلتْ بالدموعِ نواظرٌ ... لها في سوى تلك الربوع جمود؟

فما ليَ لا أسعى إليها مُبادرًا ... بقيةَ عُمرٍ تنقضي وتبيد!

تحثّ ركابي نحوها عزمةُ امرئ ... بمحْياهُ في ذات الإله يجود

يَهُمُّ فيُلقي بين عينَيْهِ عزمةً ... ويمضي مضاءَ السّهمِ حيث يُريدُ


(١) هامش ح: "من قول أبي نواس:
فكأني وما أزين منها ... قعدي يزين التحكيما"

<<  <  ج: ص:  >  >>