للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَبْلي بلالٌ قال يشكو غرامَهُ ... وقد شاقَهُ ظلٌّ هناك ظليلُ:

"ألا ليتَ شِعري هل أبيتَنَّ ليلةً ... بوادٍ وحولي إذْخِرٌ وجَليلُ"

وهذه القصيدةُ الرَّبّانيّة، وأنشَدتُها عليه [الطويل]:

هُياميَ ما بينَ الجوانحِ ثائرُ ... وداءُ غرامي للفؤادِ مخُامرُ

وطيُّ ضُلوعي بالأَسى ما أَقَلُّهُ ... تكلُّ القُوى عن حملِهِ والمرائرُ

وقد جدَّ بي وَجْدٌ وبَرَّح بي جوًى (١) ... وغَصَّتْ بأسرابِ الدموعِ المحاجرُ

سَكِرتُ وما دارتْ عليَّ مُدامةٌ ... ولا فتَنَتْ عقلي عيونٌ فواترُ

وجاوزتُ أوطارَ الغرام تخَطِّيًا ... إلى حيثُ لا تُلفَى خَواطٍ خواطرُ

وجاد حيَا دَمْعي رياضَ رياضتي ... فأزهارُها ممّا سَقاها نواضرُ

فَنائيَ في وَجْدٍ وجودٍ ومِيتَتي ... حياةٌ وخَوْفي الأمرَ (٢) ممّا أُحاذرُ

وكلُّ هوًى لابدَّ من غايةٍ لهُ ... وغاياتُ حبِّي ما لهنَّ أواخرُ

[١١١ و] مَرامي مرامي أعجَزَتْ كلَّ عاشقٍ ... فما رامَها إلّا انثَنى وهْوَ قاصرُ

وقد ذَهَلتْ عن عُروةٍ بي عُذْرَةٌ ... وقد نَسِيتْ مجنونَها بيَ عامرُ

ورَدَّت وقد حامتْ على الوردِ فانثَنَتْ ... نفوسٌ صَوادٍ عن ظَماها صوادرُ

تَصرَّفَ بي هذا الهوى تحتَ حُكمِهِ ... وسُلطانُهُ مذْ كان للخَلْق (٣) قاهرُ

ومَلَّكْتُهُ نفسي فَصالَ عليَّ بي ... وضافَرَه قلبٌ وسَمْعٌ وناظرُ

دَعاني فلبَّيتُ ائتمارًا وإنّني ... ولو لم يكنْ يدعو مبادٍ مُبادرُ


(١) في م ط: وقد جد بي وبرح به جوى، وهو مضطرب.
(٢) كذا، ولعلها: الأمن.
(٣) في م ط: "للحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>