للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها إلى غَلَبةِ الرُّوم عليها، ومَن لم يكنْ يَعْمُرِيَّا فهُو طارئٌ عليها؛ وللكلام على أشياءَ من هذه الجُملة مكانٌ غيرُ هذا. ولم يزَلْ سَلَفي بها إلى سنة نيِّفٍ وخمسين".

قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: يعني وخمس مئة.

رَجْعٌ: "وقد ثار بها بل بجَيّانَ بَلْدتِها ابنُ هَمْشَك فغَرَّبَهم منها احتياطَا -زَعَمَ- على استيساقِ إمْرتِه بها، فنَقَلَ منها جَدِّي الأعلى الشّيخَ الفقيهَ أبا عبد الله محمدَ بنَ يحيى بن محمد وبَنِيه الأربعةَ الفقهاءَ الأنباهَ أبا عليّ الحُسَينَ بن محمد وأبا الحَجّاج يوسُفَ بن محمد وأبا محمدٍ عبدَ الله جَدّي أبا أبي وأبا بكرٍ يحيى بنَ محمد وكان أصغَرَهم، واحتُبِسَ الشِّيخُ عندَه في منزِلي مُكرَّمًا إلا أنه محجورٌ عليه التصَرُّفُ دونَ بَنيه، فتحيَّلَ بَنوهُ وخرَجوا عنه وقد أُخِيفوا ولم تسَعْهِم طاعة، وكرِهوا التوجُّهَ إلى مُرْسِيَةَ لنقيضِهِ ابن مُرْدَنيس (١) لمّا تخوَّفوا مِن لَحاقِ معَرّةِ أميرِهم بأبيهم، فلَحِقوا بإشبيلِيَةَ، وقدِ استَوْسَقَ بها ملِكُ المُؤمنيّة، فرَفَعَ أمرَهم لواليها إذْ ذاك -أظُنُّه ابنَ الجَبْر أو غيرَه- فرَفَعَهم إلى العُدْوة حتّى بايَعَ ابنُ هَمْشَك ورَغِبوا في العَوْدة إلى أندَلُسِهم فأُسعِفوا بذلك على أن يَسكُنوا إشبيلِيَةَ، فكان ذلك؛ وأُمِرَ أبوهم باللَّحاقِ بهم فاجتَمَعوا بها، فمِن هذا كان أصلُ موقعِنا بإشبيلِيَةَ في حدودِ سنة ثمانِ وخمسينَ وخمس مئة، فتأهَّلوا بها ووُلدَ لهمُ الأولادُ إلّا من كان منهم وُلدَ له قبلَ ذلك، وهم معلومونَ بتواريخِهم، وبَقِيَتْ أملاكُنا ببلدِنا أُبَّذةَ إلى تغلّبِ العدُوِّ عليها، واتَّخَذْنا أملاكَا أُخَرَ بعِمالات إشبيلِيةَ داخلَها وخارجَها وما يرجعُ إليها، ولم تزَلْ عامّتُها بأيدينا إلى تغلُّبِ العدُوِّ عليها سنةَ ستٍّ وأربعينَ وست مئة، نفَعَ اللهُ بذلك.

مولدُ جَدِّي الفقيه أبي محمدٍ بأُبَّذةَ سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ عامَ الأرك سنةَ إحدى وتسعينَ، ومَولدُ أبي بإشبيلِيَةَ في جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وتسعينَ، وتوفِّي بها في منتصَف جُمادى الأُولى سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة؛


(١) كذا بالسين، ويرد في المصادر أيضًا بالشين.

<<  <  ج: ص:  >  >>