للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تصحيحها، مؤيَّدًا على ذلك بحُسن الخطّ وإتقانِ التقييد والضّبط اللذين برَّز فيهما على متقدِّمي الأكابر من مشاهير أهلها، دأَبَ على ذلك دهرَه وأنفَذَ فيه عُمرَه وكتَبَ بخطّه الكثير، ومُتِّع بصحّة بصَره، فقد وقفتُ في بعض ما كتَبَ -وهو قد جاوَزَ السّبعين من عُمره بسنتين أو نحوهما- على ما يقضي منه العَجَب دقّةَ خطّ وإدماجَ حروف معَ البيان، فكان في ذلك وحيدًا، وأثمَرَ المغالاةَ فيها بعدَ وفاته حتى تجووزت في أثمانها الغايةُ التي لا عهدَ بها وتمادت رغبةُ الناس في اقتناء ما يوجدُ بخطّه أو بتصحيحه ومنافستُهم فيه إلى الآن" (١).

ومن ذلك أيضًا: ما يقوله في ترجمة أبي عبد الله الشَّوّاش: "واختَصَّ وقتَه وبعدَه ببراعة الخطّ، فكان أنيقَ الوِراقة رائقَها، وتوارَثَ الناسُ التنافسَ فيما كتَب إلى اليوم، وكم حامَ كثيرٌ من الوَرّاقينَ على سلوكِ طريقتِه فلم يُدركوها" (٢). ووَصَفَ أبا العبّاس القبسيَّ بأنه كان "أنيقَ الوِراقة بديعَها معروفًا بالإتقانِ والضّبط يُتنافسُ فيما يوجدُ بخطّه من دواوين العلم" (٣).

وممّن ذكَرَهم بحُسن الخطّ وإتقانِ الضّبط وسُرعة الكَتْب: سرحانُ بن محمد الأنصاريّ، قال: "كان حَسَن الخطّ متقِنَ الضّبط، وكتَبَ بخطّه الكثير، وعُني بتفريق الكلم فيما كان يَكتُب"، وأبو الطيّب بن بَرُنْجال الذي "كان من أهل العناية بالتقييد والرواية حَسَنَ الخطّ، كتَبَ علمًا كثيرًا"، وطاهرُ بن عليّ الشُّقْريّ الذي "كتَب بخطّه الكثيرَ في كلِّ فن، وشُهر بسُرعة الكَتْب"، وأبو جعفرٍ ابنُ صاحب الصّلاة، وَصَفَه بجَوْدة الخطّ وجمال الوِراقة، ثم قال: "وكتَبَ بخطّه علمًا كثيرًا، وله اختصارٌ نبيل في الغوامِض المبهَمات، وقفتُ عليه بخطّه الرائق وصار لي".


(١) الذيل والتكملة ٨/الترجمة ٩٣.
(٢) المصدر نفسه ٦/الترجمة ١٢٣٠.
(٣) المصدر نفسه ١/الترجمة ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>