للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تالله إنّ الذي تُرجَى السُّعودُ لهُ ... ما جالَ في خَلَدٍ يومًا ولا هَجَسا

إمارةٌ يَحمِلُ المقدارُ رايتَها ... ودولةٌ عِزُّها يَستصحبُ القَعِسا

يُبدي النهارُ بها من ضَوْئه شَنَبًا ... ويُطلعُ اللّيلُ من ظَلْمائه لَعسا

ماضي العزيمةِ والأيامُ قد نَكَلتْ ... طَلْقُ المُحَيّا ووَجْهُ الدّهرِ قد عَبَسا

كأنه البدرُ والعلياءُ هالتُهُ ... تحُفُّ من حولِه شُهْبُ القنا حَرَسا

تدبيرُه وَسِعَ الدُنيا وما وَسِعَتْ ... وعَرْفُ معروفِهِ آسَى الوَرَى وأَسا

قامتْ على العدلِ والإحسانِ دعوتُهُ ... وأنشَرَتْ من وجودِ الجُودِ ما رُمسا

مباركٌ هَدْيُهُ بادٍ سكينتُهُ ... ما قام إلا إلى حُسنى ولا جَلَسا

قد نوَّرَ اللهُ بالتقوى بصيرتَهُ ... فما يُبالي طُروقَ الخَطْبِ مُلتبِسا

بَرَى العُصاةَ وراشَ الطائعينَ فقُلْ ... في اللَّيثِ مُفترِسًا والغَيْثِ مُرتجِسا

ولم يُغادرْ على سَهْلٍ ولا جبلٍ ... حيًّا لَقاحًا إذا وفَّيتَه بَخَسا

فرُبَّ أصيَدَ لا تَلقَى به صَيَدًا ... ورُبَّ أَشْوَسَ لا تُلفي له شَوسا

إلى الملائكِ يُنْمَى والملوكِ معًا ... في نَبْعةٍ أَثمرتْ للمجدِ ما غَرَسا

من ساطع النُّورِ صاغَ اللهُ جوهرَهُ ... وصان صيغتَهُ أنْ تَقْرَبَ الدَّنَسا

لهُ الثَّرى والثُّرَيّا خُطّتانِ فلا ... أعزَّ من خُطَّتَيْهِ ما سَمَا ورَسا

حَسْبُ الذي باعَ في الأخطارِ يَركَبُها ... إليه مَحْياهُ أنَّ البيعَ ما وُكِسا

إنَّ السَّعيدَ امرُؤٌ ألقَى بحضرتِهِ ... عَصَاهُ محُتزِمًا بالعدلِ مُحترِسا

فظلَّ يوطِنُ من أرجائها حَرَمًا ... وباتَ يُوقدُ من أضوائها قَبَسا

بُشرى لعبدٍ إلى البابِ الكريم حَدَا ... آمالَهُ ومن العِدِّ المَعِينِ حَسا

كأنّما يَمتطي واليُمنُ يَصحَبُهُ ... من البحارِ طريقًا نحوَهُ يَبَسا

<<  <  ج: ص:  >  >>