إذْ عاينوا الصَّعبَ والضَّعفَ اللّذَيْنِ بكمْ ... فكلُّ ذي نعمةٍ آسَى بها وأَسا
وأوسَعوكمْ قِرًى كانوا أحقَّ بهِ ... لدَيْكُمُ فاعجَبوا للأمرِ أن عُكِسا
وما جَهِلتُمْ حقوقَ الضَّيفِ بل حَبَس ... الأيدي من الحَصْرِ والإحصارِ ما حَبَسا
وَدُّوا لوِ اتَّخذتْ في البحرِ عَزْمتُهمْ ... إلى العِدا سَرَبًا أو مَسلَكًا يَبَسا
حفيظة لم تزَلْ كالمُلكِ حافظةً ... وأنفُسًا لم يُفارِقْ عِزُّها قَعَسا
يَبْكونَ من رحمةٍ للدِّين أنْ نُسِفَتْ ... أطوادُه ولجَدِّ المُلكِ أن تَعِسا
وأنْ تَخاذلَ أهلُ الأرض فاتَّفَقوا ... على الخلافِ رجالًا في ثيابِ نِسا
لا يَنصُرونَ أخًا لو رامَ نَصْرَهمُ ... ولا يُوفُّونَهُ التشميتَ لو عَطَسا
ليقضيَ اللهُ أمرًا كان فاعلَهُ ... والحمدُ لله فيما سرَّ منه وسَا
سيَنصُرُ اللهُ والإِسلامُ أُمَّتَهُ ... بالقادةِ العظماءِ الذادةِ الرُّؤسا
يَسترشِفُونَ قدودَ السُّمرِ قائمةً ... فيحسَبونَ لَماها في القَنا لَعَسا
لا يَأْلَمونَ المنايا في أسِنّتِها ... كأنما الطَّعنُ لَثْمٌ بينَهمْ خُلِسا
يا أهلَ دانِيةٍ أودَتْ بَلَنْسِيَةٌ ... عَزَاكُمُ إنه للقَطْفِ ما اغترَسا
لا تَيْأَسوا إنّ خيلَ الله ناظرةٌ ... لأنْ يقالَ: اركَبي، ويلٌ لمن يَئِسا
ولا يَسُرَّ عدوًّا رِبحُ صَفْقتِه ... في غَبْنِكمْ فقديمًا طالما وُكِسا
ترقَّبوا اليُسرَ بعدَ العُسرِ واعتَبِروا ... بمَن مضَى فلعلَّ الله أو فعسى
وأمِّلوا النَّصرَ في العُقْبى فإنّ قَضَاءَ ... ءَالله بالخير مَرْجوٌّ صباحَ مَسَا
كمْ نعمةٍ صُحِبَتْ حتى إذا سُحِبَتْ ... سِيمَ الذي ألبسَتْهُ خَلْعَ ما لَبِسا
كم خُرِّبَتْ دارُ قومٍ بعدَما عَمَرَتْ ... وكم توَحَّشَ سِرْبٌ بعدَما أَنِسا