من قصيدةٍ لأبي عبد الله بن أبي يحيى يونُس [البسيط]:
أبشِرْ وبَشِّرْ بنَصْرِ الله أندَلُسا ... إنّ الأميرَ إليها يسبِقُ النفَسا
فإنْ يكُنْ كافرٌ للسمعِ مسترِقًا ... فسُمْرُ يحيى الرِّضا شُهْبٌ أتَتْ حَرَسا
وإنْ بَدَا لذوي كُفرٍ بها قَبَسٌ ... فشمسُ إيمانِ يحيى تَفضحُ القَبَسا
وإنْ عَفَارَ سْمُها بالجَوْرِ وانطَمَسا ... فعدلُه مستجِدٌّ منه ما طُمِسا
وإنْ غَدَا نافسًا قِدحَ الكفورِ بها ... فالدِّينُ نافَسَهُ في ذاك إن نَفَسا
بُشْرى الجزيرةِ إنّ النصرَ باشَرَها ... يُميتُ كُفرًا ويحيي أرسُمًا دُرُسا
وكم أَعاد وأبدى في العِدا وبَدَا ... وعاد يَمْحو بلِينِ التوبةِ الشَّرسا
مَلْكٌ له حَسَبٌ قد زانَهُ أدبٌ ... دامتْ له رُتبٌ من فوقِها جَلَسا
فكانت عِدةً سَخت الأقدارُ عَقْدَ إنجازِها، وترجيةً نَسَختِ الأعذارُ حُكْمَ حقيقتِها بمجازِها، وعاد أبو عبد الله ابنُ الأبار إلى مُرسِلِه فألفَى الأحوالَ قد أعضَل داؤها، وقواعدَ البلاد قد غَلَبَ عليها أعداؤها، فترَكَها هاجرًا، وقصَدَ حضرةَ تونُس مهاجِرًا، فأقبَلَ السّلطانُ عليه، وصَرَفَ خُطّةَ الكتابة العليا إليه، ثم أدركَتْه جَفْوةٌ من قِبَل الأمير أفضَتْ إلى تغريبِه وانتقالِه إلى بِجَاية، وفي أثنائها ألّف "إعتابَ الكُتّاب" فأقام ببِجَايةَ طويلًا عاكفًا على العلم ونشرِه.
ومن نثرِه، وإن كان على إجادتِه فيه ينحَطُّ عن نَظْمِه (١): ما كتَبَ به من بِجايةَ إلى المستنصِر بالله يهنِّئُه بجَلْب الماءِ إلى جامع تونُس، عَمَرَه اللهُ بكلمةِ الإسلام، وهُو في معنى ما كتَبَ به أبو المُطرِّف بنُ عَمِيرةَ حسبَما ثَبَتَ في رَسْمة [البسيط]:
الحمدُ لله حمدًا لا نقلِّلُهُ ... هذا الزمانُ الذي كنّا نُؤَمِّلُه
(١) بهامش ب تعليق بخط مختلف عن خط المعلق الأصيل -وهو التجيبي- وكذلك تعليق آخر على حاشية الورقة ١٠٤ ب في الثناء على نشر ابن الأبار، وليس للتعليقين من قيمة تاريخية أو نقدية.