والمَحاتِد، ومن خصائصِها من فِعال الوجود، وفي مَراسمِها الإيثارُ بالموجود، والبِدارُ إلى إغاثةِ الملهوف وإعانة المَنْجود، ما بَرِحَتْ للخيراتِ إيضاعُها وخَبُّها، وبالصاحاتِ غَرامُها وحُبُّها، حتّى لقد فهِمَتْ أسرارَها، وأودَعَت أنوارَها، وكَفَلت أو كُلّفت إفشاءَها وإظهارَها؛ يمينًا، إنَّ يمينَ الحقِّ بها طُولَى، ولَلآخِرةُ خير لها من الأُولى، بمولانا -أعزَّه الله- عَزَّ مكانُها، وخَلَدت سَديدةً آثارُها شديدةً أركانُها, لا جَرَمَ أنهُ الطاهر، كالماءِ الذي جَلَبَه للطَّهارة، والظاهر ولاءً ولواءً، في مَصعَدِ الخلافة ومقعدِ الإمارة، بالسَّعادةِ الأبديّة وَجْدُه وكَلَفُه، وما همُّه إلا تجاوُزُ ما أسلَفَه سَلَفُه، فجَّر من الأرض يَنبُوعًا، وجَدَّد للجَدوى رُسومًا عافيةً ورُبوعًا، ساحتُه الحَرَم وهو زَمْزَمُ قُصّادِه وحُجّاجِه، وراحتُه البحر الخِضَمّ غيرَ طعمِه وارتجاجِه، لله ما أطهَرَه خِلالاً، وأظهَرَه جَلالاً، "هكذا هكذا وإلّا فلا لا"، غابَتْ كُماةُ المعارك وشَهِد، ونامَتْ وُلاةُ الممالكِ وسَهِد، فمتى قَسَطوا أقْسَط، وإذا غَوَّروا أنْبَط، ولذلك ما أبطَلَ عمَلُه أعمالَهم وأحبَطَ عليهم على صفتي الندى والباس، وسَلَبَهم مَنْقبتَيْ حمزةَ والعبّاس، فلا غَرْوَ أنْ أَمَّن ووَقَى، ثُم لمّا كَسَا وأطعَمَ سقَى، أيةُ نُعمى وفَتْ بالميعاد، وحُسنى مِثلُها يُعَدُّ للميعاد، آتتْ بماءٍ مَعِين قد أصبحَ غَوْرًا، وملأت ما بينَ لابتَيْها جِنانًا تَرِفُ ظلًّا وترِفُّ نَوْرًا، فيا بُشرى لتونُس أخصَبَ جَديبُها، وأحسَنَ وَصْفَ الرَّوض والغديرِ أديبُها، وطالما أطلَعَتْ صحراءَ بل رَمْضاء، فكم للإمارة قِبَلَها من يد بيضاء، غُشِّيَت حِبَرَ الحُبور والسرور، وعُوّضَتْ بَرْدَ الظِّلِّ من وَهَج الحَرور، خمائلُ وجداول، تُزاوِلُ منها العينُ ما تُزاوِل، تلك يضِلُّ مَن أحصاها، وهذه يصِلُّ بها حَصَاها، ويا لَقَصْرِها السّعيد نَعِمت أدواحُه، وهبَّت على خُضْرِ الأغصانِ وزُرْقِ الغُدرانِ أرواحُه، هذا أوانٌ بات السَّماحُ المُفاضُ يَسقيه، وبات الجُودُ الفَضْفاضُ ينقَعُ جَوادُهُ ويشفيه، وهنيئًا للمسجدِ الجامع أن رَوِيت جَوانحُه الصَّاديَة، وجُمِعت في شِرعتِه الساريةُ والغادية، فها هو فَجْرهُ بادي الغُرَر والأوضاح، وصَخرُه منفجرٌ بالزُّلَال القَراح، وللجُمهورِ بصَفْوِه المُنساب، لهجُ الغُيّابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute