للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالوا لتوديعي بذاكَ الموقفِ ... والدّمعُ بين مُحدَّرٍ ومُكَفْكَفِ

وتصَّعدتْ زَفَراتُ فَرْطِ تأسُّفِ ... فخَشِيتُ أحرِقُ سَرْحَها بتلهُّفِ

وتُذيبُها الأنفاسُ عن لَفَحاتِها

أتْبَعْتُهم نَظَري بمنعَرَجِ اللِّوى ... أَبْغي الدّواءَ وما لقلبي مِنْ دوا

أنَّى وقد عَبَثتْ به أيدي النَّوى ... وطَفِقْتُ أغسِلُ ما تَحيَّفَهُ الجَوى

منها فيا للعَيْنِ مِن عَبَراتِها

لا تَلْحُني إنْ ذابَ أسودُ مقلتي ... لحنينِها ولأزمُنٍ قد وَلَّتِ

إن كنتَ تفهَمُها وتفهَمُ عِلّتي ... فهناك ساجِلْني وباحِثْ دِخلتي

عن وَعْظِها للنَّفْسِ في غفَلاتِها

شَرَفُ المدامع أن تَجودَ بعَبْرةٍ ... عن نظرةٍ عَبَرت بزاخِرِ عَبْرةِ

وحمامةٌ تصِلُ الهديرَ بغَفْرةٍ ... سَجَعتْ عليكَ أخا الذُّنوبِ بسَحْرةِ

فغُرِيت بالفَتّانِ مِن سَجَعاتِها

واهًا لها ولشَجْوِها المُستحوِذِ ... بالشَّوقِ والتَّحنانِ دَأْبًا تغتذي

وتقولُ للزَّفَراتِ: أحنائي خُذي ... هذا ومَذهبُها هديلٌ والذي

تَهواهُ يُغمِضُ خَطْرةً عن ذاتِها

صَدَحَتْ فكم صَدَعَتْ فُؤادًا مُبتلَى ... قرَأَتْ له حِزبَ الشُّجونِ مُرَتَّلا

يا مَن أصاخَ لها فجاوَبَ مُعْوِلا ... أمُرِنّةٌ تهديك للشَّكوى فلا

تمتازُ إلّا بادّعاءِ صِفاتِها؟!

أتَبِيتُ يا ذا البَثِّ موفورَ القُوى ... وَلَهًا على حُكْمِ الصَّبابةِ والجَوى

قلبٌ هَفَا، رسمٌ عَفَا، جسمٌ ذَوَى ... هلّا اقتَدتْ بكَ يا مُتيَّمُ في الهوى

إذْ ما وُسِمْتَ به يَبُذُّ سِماتِها

<<  <  ج: ص:  >  >>