للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه، وقد عثَرَتْ به بغلتُه في وِجهتِه إلى ضَيْعتِه المذكورة وهو يسايرُ أبا عبد الله بنَ المُناصِف (١) رحمهما الله، فقال له ابنُ المُناصِف [البسيط]:

* ما بالُها عثَرتْ وما لها قَلِقَهْ (٢) *

فأجابه مُرتجِلًا ومُداعِبًا [البسيط]:

لم تعثُرِ البغلةُ السفْواءُ (٣) إذ عثَرتْ ... من ضعفِ أيدٍ ولامن أنها خَرِقَهْ (٤)

لكنّها عَشِيَتْ من نورِ ما حَمَلت ... من العلوم فخرَّت تحتَهُ صَعِقَهْ

أنشَدَنيها عنه أيضًا ابنُه أبو محمدٍ حسَنٌ رحمه الله، وقال لي: كان متى ذكَرَهما يَستعبِرُ ويستغفرُ الله منهما، وقد رأيتُه ضرَبَ عليهما (٥) في بعض معلَّقاتِه.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وَهِمَ بعضُ الطّلبةِ فعكَسَ هذه الحكايةَ بجعلِ بغلةِ أبي عبد الله ابن المُناصِف العاثرةَ والبيتينِ له، والأمرُ في ذلك كلِّه على ما ذكرتُهُ قبلُ، وقد سَمِعتُها غيرَ مرّة من شيخِنا أبي محمدٍ ورأيتُها (٦) بخطِّه في غير موضِع على ما وصَفْتُ.

هذا بعضُ ما اشتُهِر من أحوالِه عندَ جُمهور الناس. وقد كان بعضُ من لقِيتُه ممّن لقِيَه لا يَرضاهُ ولا يَرى الرّوايةَ عنه، وينعَى عليه أمورًا كثيرة، منها: ما كان عليه دائبًا من الإرذال (٧) بأفاضلِ أهل العلم، والغضِّ منهم [وتتبُّع سَقَطاتِهم] والتماسِ عَوْراتِهم، والتنكيتِ على الواردينَ منهم على آلِ عبد المؤمن [والوَضْع]


(١) انظر ترجمته في التكملة (١٦٣٢) وستأتي ترجمته في هذا السفر.
(٢) في ص: "وما بما قلبة"، ونقلت في الإعلام للمراكشي: "وما بها قلبت".
(٣) السفواء: السريعة.
(٤) في "الإعلام": "حرقة"، كما قرئت صعقة: صفقة.
(٥) في ص: "منها، عليها". ولعله ضرب على البيتين لما فيهما من دعوى وإشارة خفية إلى الآية الكريمة: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: ١٤٣].
(٦) في ص: "ورأيته".
(٧) هكذا في الأصل وهو من أرذلهم أي لم يرضهم، ويصح أن تكون: الازراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>