للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا سعيد يخلفتَن بنَ تنفليشت المتراريَّ البوغاغيَّ، رحمه اللهُ، وقد سُئل عنه فقال: ذلك شخص يُصارحُ نفسَه في أن يكونَ مُهلَّبيَّ الملوك.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: والذي أوجَبَ إيحاشَ العادل إيّاه ما حدَّثني به ابنُه أبو محمد وغيرُ واحدِ من شيوخي، قالوا: لمّا توفِّي [أبو يعقوبَ المُستنصرٍ] تَشاوَرَ أهلُ الحَلِّ والعَقْد بمَرّاكُشَ في تعيينِ من يُقلَّدُ الأمرَ بعدَه، [فأشار بعضُهم] بتقديم أبي محمد عبدِ الواحِد أخي المنصور، وكان مذكوراً في [بيتهم بحَزْم وجَوْدة] وصلاح، وأشار بعضُهم بتقديم أبي محمد بن عبد الله العادل ابن المنصُور، وكان يُرمَى بالميل إلى البطالة وإيثار الشّهواتِ والإخلادِ إلى الراحات، [وكان أبو الحَسَن] حاضرًا لتلك الشُّورى، فأنشَدَ متمثِّلَا ومنبِّهًا على التفرِقةِ بينَهما [الطويل]:

إذا رَتَّلَ القرآنَ في جُنحِ [ليلةٍ] ... أُبيُّ بنُ كعبٍ لم يُغنِّ مُخارِقُ (١)


(١) ورد البيت في آخر قطعة للقاضي الأديب الشاعر ابن حمادي الصنهاجي معاصر ابن القطان يهنئ باسترجاع بلاد إفريقية والظهور على يحيى بن إسحاق، وهي:
فتوح لها في كل يوم تلاحُقُ ... كما استبقت يوم الرهان السوابقُ
تجيء وما بين الزمانين مهلةٌ ... كما نسق المعطوفَ بالواو ناسقُ
بشائر تعلوها تباشير مثلما ... تبلّج صبح أو تألّق بارقُ
وراقت بلادُ الله فهي نضارةٌ ... خمائلُ يندى زهرها وحدائقُ
كذا فليكن فتحٌ وإلا فإنما ... جميع فتوح العالمين مغالقُ
إذا قرأ القرآن في غسق الدجى ... أبيّ بن كعب لم يغنِّ مخارقُ
ويبدو أن البيت للشاعر المذكور، فليس في القطعة ما يشعر بالتضمين، وتمثيل ابن القطان بالبيت مقبول من جهة التاريخ فقد قيلت القطعة قبل المناسبة التي تمثل فيها ابن القطان بالبيت.
وأُبي بن كعب: هو الصحابي البدري سيد القراء وأحد كتبة الوحي، أما مخارق: فهو أبو المهنى مخارق بن يحيى، من الغنين المشهورين في العصر العباسي، وفيه أيضًا يقول دعبل لما بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة:
إن كان إبراهيم مضطلعًا بها ... فلتصلحن من بعده لمخارقِ
انظر الوافي بالوفيات ٤/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>