للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نحو تمثُّلِه بالبيتِ المذكور في الفَرق بين العادلِ وعمِّه ما صَدَرَ عنه في جانبِ الوزيرِ أبي سعيد بن أبي جامع، فإنّ أبا الحَسَن كان شديدَ الاختصاص بأبي عبدِ الرّحمن محمدِ بن أبي عِمران التينمليِّ، وكان أبو عبد الرّحمن هذا كثيرَ الاعتناءِ به، والتعظيم لجانبِه، والسعي الجميل له أيامَ وزارته حتى انتَهت بسَعْيه خُططَ أبي الحَسَن نحوَ ثلاثَ عشْرةَ خُطّة، كلُّها أو جُلُّها جليلٌ مفيد، وكلُّ واحدةٍ منها إنما كان يُعيَّنُ لها أكثرُ المرتسِمينَ بالعلم قَدرًا وأبعدُهم صِيتًا، ولمّا نكِب ابنُ أبي عِمران المذكورُ وغُرِّب إلى مَيُورقةَ انفردَ بالوِزارة بعدَه أبو سعيد بنُ جامع (١)، فاجتازَ به أبو الحَسَن وهو جالسٌ في مجلس الوِزارة فأنشَدَ متمثِّلًا في التباعُدِ بينَه وبينَ ابن أبي عِمران [البسيط]:

* كالهرِّ يَحكي انتفاخًا صُورةَ (٢) الأسدِ *

وبَلَغَ ذلك أبا سعيد، فحَقَدَها له، ولم يزَلْ يَحُطُّ من خُططِ أبي الحَسَن ويُصرِّفُ فيها غيرَه حتّى لم يبقَ بيدِه منها شيءٌ إلا القليلَ النَّزْرَ الفائدة [وما لا غَناءَ فيه].

ولمّا أخَذت مملكةُ آلِ عبد المؤمن في الاختلالِ أيامَ [المُستنصِر بسببِ ركونه] إلى الهُوينى، وعكوفِه على راحتِه، وإعراضِه عن التدبير فيما [يعودُ لشؤونِ الدولة] وتفويض النظرِ في الأمور كلِّها إلى وُزرائه وحاشيتِه (٣) وضاعتِ


(١) انظر ما عند صاحب المعجب في أبي سعيد بن جامع ص ٣١٠ وص ٣٢٤ وكذلك الأنيس المطرب: ٢٣١، ٢٣٦ ويذكر المراكشي ابن أبي عمران الذي كان قبل ابن جامع ولكنه يجعله أبا عبد الله محمد بن علي بن أبي عمران الضرير جد يوسف بن عبد المؤمن لأمه وقد أطلق لسانه بالثناء عليه، أما ابن عذاري فيسميه أبا يحيى بن أبي الحسن بن أبي عمران (قسم الموحدين ص ٢٣٣).
وقال فيه ابن الخطيب: الشَّيخ أبو يحيى بن أبي عمران وزير الخلافة، وأورد قصيدة للكاتب المشرف محمد بن عبد الرحمن الغرناطي كتب بها إلى الوزير المذكور وهو بحال شكاية أصابته (الإحاطة ٣/ ٢١٢).
(٢) كذا بالأصل، والمروي: صولة أو سورة.
(٣) أشار ابن أبي زرع إلى "إدمانه على الخلاعة، وركونه إلى الملذات وتفويضه أمور مملكته ومهمات أموره إلى السفلة" (الأنيس المطرب: ٢٤٣ ط. دار المنصور).

<<  <  ج: ص:  >  >>