للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وجاءه هذا الملك الذي هو شلانون، فقال له: لمَ ترَكَ أبوك وِردَه من اللّيل في البيتِ الذي كان اتّخذَه في دارِه مسجدًا؟ قال: وقد كان لي وِردٌ من اللّيل في بيتٍ من داري شغَلَتْني عنه شواغلُ الدُّنيا، وصار سهري باللّيل إنّما هو على وثيقةٍ أُبيِّضُها أو فريضةٍ [أقيِّدُها، وحينَ] قال لي ذلك، بادرتُ إلى البيت، فبنيتُهُ بِنيةً جديدة [وجدَّدتُ فراشَه، وبَلَغت] نفَقتي فيه مئتي دينار، ووجدتُها بعدَ شهرٍ قد انخَلَفَت على الأعشَرين، ورجعتُ إلى صلاتي فيه كما كنتُ (١)، قال: وبقيَ لي البيتُ في الدار [وفي جُدرانِها] خَلَق كأنه رُقعةٌ من غيرِ الثَّوب، فأحوَجَني ذلك إلى نفقةٍ في سائرِ [الدار].

قال: وقال لي مرةً أخرى: قُلْ لأبيك يُجرِّدِ الجُبّةَ التي عليه التي أخَذَ من فلانٍ في [كِرائه] وقد كنتُ أخذتُها ممّن يَسكُنُ لي موضعًا، وربّما لم يكنْ عندَه ما يؤدِّي فأعطاني جُبّتَه، قال: فصُرِفتِ الجُبّةُ على رَبِّها.

قال: واستمرَّت عليه هذه المَرائي وصار يُخبَرُ بما يكونُ، حتى لَغابوا عنه مُدّة، ثم جاءوه أو من جاءه منهم فقال: أبطأتم عنّي، قال: شُغلٌ عَرَضَ في شرق الأندَلُس شغلنا، قال: فجاء بعدَ أيام حديثُ حِصن شلفيره وأخْذِ المسلمينَ إيّاه من أيدي النّصارى (٢).


(١) في ص: "كانت".
(٢) شلفيره كما ورد هنا أو شنفيره كما في الروض المعطار أو شرفيره كما في التكملة والذيل والتكملة: حصن على أربع مراحل من مرسية. قال ابن الأبار وابن عبد الملك: "وفيها (أي في سنة ٦١٣ هـ) استرجع المسلمون شرفيره من ثغور مرسية من أيدي النصارى" وقد خصه الحميري بمادة مطولة روى فيها قصة استرجاع هذا الحصن سنة ٦١٤ هـ بحيلة دبرها محمد بن هود الذي كان يومئذ في جند الموحدين واشتهر بسبب ذلك عند أهل شرق الأندلس فصاروا يقولون: هو الذي استرجع شنفيره؛ وقد ترددت إثر استرجاع هذا الحصن مخاطبات وسفارات إلى مراكش، وكان مما قاله الوزير ابن جامع لسفير قشتالة اليهودي ابن الفخار: أخذناه في الصلح كما أخذ منا في الصلح. (انظر الروض المعطار: ٣٤٨) تحقيق د. إحسان عباس، والتكملة (٣٠٢١) والذيل، وثمة إشارات إلى سفارات الطبيب اليهودي أبي إسحاق إبراهيم بن الفخار في البيان المغرب ٣/ ٢٤٤ والمغرب ٢/ ٢٣ والعبر ٦/ ٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>