للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نار كأنه جمرة، ففُتِحَ، فرأيتُ في التابوتِ شخصًا أبيضَ الجسم أسودَ الوجه في ساقَيْه كُبولٌ من نار. قلتُ: من هذا؟ قال لي: هذا من كانت تُضرَبُ على رأسِه الطبول وتُنشَرُ [له] الألوِيةُ في الدُّنيا، وسيُفسَّرُ لك بعدُ.

قلتُ له: فما الذي وُعدتَ به؟

قال: أخبَروني أنّي سأملِكُ الدنيا كلَّها.

وكان قد ذكَرَ في كلامِه أنه كثيرًا ما يرى في الذين يُكلِّمونَه سُليمانَ وذا القَرنَيْن، فقلتُ له: وما المعنى في ذلك؟ قال: أني أملِكُ مثلَ مُلك ذي القرنَيْن ويُسخَّرُ لي ما سُخّر لسُليمان، وذَكَرَ أنّ سُليمانَ ألبَسَه خُفَّيْن، [وأنّ ذا القرنَيْنِ فعَل] فعلًا لا أعيِّنُه الآن.

قلتُ له: ومتى قيل لك يكون هذا [المُلك؟

قال: يكونُ] ابتداؤه سنةَ ثلاثينَ وست مئة.

قال: وكمالُه واستيساقُه سنةَ [ثلاثٍ وثلاثينَ] (١).

قال: وعُمري إحدى وثمانونَ سنة.

قال: وإذا استَوْسَقَ ليَ المُلكُ بالمغرب تَركْتُ فيه رجلًا يقال له: محمدُ بن أحمد.

قال: وحينَ ذلك أمشي إلى المشرِق فَأجِدُ المَروانيَّ، وهو محمدُ بنُ عبد الله، [فأُبايعُه] عند الرُّكنِ والمقام، ويفتَحُ البلاد، ويستولي على العراق، وهُو الذي يَتِمُّ [به] أربعونَ خليفةً (٢).


(١) محو في الأصل.
(٢) يستفاد من هذه الفقرة أن هذا العثماني كان مأخوذًا بالدعوة المروانية وما تألف حولها من نظرية موازية لنظرية الشيعة في الإمامة والإمام المنتظر، ويبدو أن أصحاب التشيع المرواني أو العثماني كانوا يتوارثون هم أيضَا ما يشبه الجفر يتضمن أخبار الملاحم الآتية والحوادث المقبلة ورجوع الدولة الأموية وظهور السفياني وغير ذلك مما وقف عليه المسعودي في كتاب البراهين في إمامة الأمويين، وما قد يكون أضيف إليه فيما بعد. انظر التنبيه والإشراف للمسعودي (٢٩١ - ٢٩٢).
أما عدد الأربعين خليفة فلا نعرف أساسه ولكنه يمكن أن يتألف من عدد الخلفاء الراشدين والأمويين بالمشرق والمروانيين بالأندلس (مع مراعاة العد فيمن تكررت دولتهم) ثم من صاحبنا وخلفه محمد بن أحمد وأخيراً محمد بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>