للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نعم، وأخَذَ يحدِّثُ بكلّ ما أريدُ أن يحدِّث به، حتّى خَطَرَ لي أنّ توقُّفَه إنّما كان لِما قد رُبِطَ من أن لا يقولَ إلا جوابَ ما يسألُ عنه.

وممّا جرى في هذا المجلس أنّ الشَّيخَ المكرَّم أبا محمدٍ قال له: ولمَ تُصلِّي وتصومُ وأنت -كما تزعُم- غيرُ بالغ؟

قال: أتطوَّع.

وقال له أيضًا: ولم تَتعَبُ في القراءةِ وأنت يأتيك الخبَرُ من السماء؟

قال: أخرُجُ عن صِنفي.

فقال له الشّيخُ الأجَلّ المعظَّمُ أبو سعيد: وقد خرَجْتَ عنهم خروجَ سُوء، أو كلامًا هذا معناه.

وجَرى فيه أيضًا أنْ قلتُ له: لمَ تكلَّمتَ بهذا الذي زعَمتَ بأنك أُمِرتَ به؟

قال: أفأعصيه؟

قلت: وقد قلتَ: إنك لم تبلُغْ، فهذه الأوامرُ من جُملةِ ما لم يَلزَمْك.

قال: أفأعصيها؟ أو كلامًا هذا معناه.

قلت له: أدَّبك أبوك على هذا قطُّ؟

قال: نعم، ولكنه ظلَمَني، أو كلامًا هذا معناه.

قال له الشّيخُ الموقَّرُ أبو محمد: أوَلم تطلُبْ منهم ما يكونُ مصدِّقًا لك؟

قال: قد فعلتُ، وذكر قصّةَ القضيبَيْن. وحين انتهى المجلسُ إلى هذا الحدّ أمَروني [بردِّه إلى والدِه] ففعلتُ وانصرَفْتُ إلى منزلي؛ وفي بقيّةِ هذا اليوم [ورَدَ علَيّ] ما مكَّنَ الرَّيْبَ فيه، وحقَّق التُّهمةَ في حقّه، وقوَّى ذلك [عندي أنه] جاءني ذلك الطالبُ الحاكي عنه ما حَكَى من أمرِ لا نبيَّ بعدَ [محمد، هو] خاتمُ النَّبيئين، فقلتُ له: أثبتَّ (١) على ما قلتَ لي؟ قال: نعم، واستَجْلبَ [أشياءَ أخرى]


(١) في ص: "أبنيت".

<<  <  ج: ص:  >  >>