[وسبَق] إلى التفرُّدِ بها كتَبَ إليه القاضي الأديبُ الأبرع أبو القاسم بنُ عِمران (١) مُهنِّئًا بها وشاكرًا عليها [من الطويل]:
أباحَسَن زادتْ مَآثرُكمْ حُسنا ... بفعلِ جميلِ موجبِ لكمُ الحُسنا
لكم أجرُهُ الأوفَى وأجرُ من اقتفَى ... سبيلَكَ فيه أو بسُنّتِك استنَّا
أجَلْ واليدُ الطُّولى فليس بغَزبِنا ... حَفِيٌّ بأهل العلم منّتِك امتَنّا
تخَيَّرتَ أعلاقَ الدّواوينِ مُعرِضًا ... بإدنائها منكم عن العَرَضِ الأدنى
وما زلتَ منها في النَّفيس مُنافسًا ... إلى أن تسَنَّى فاشتريتَ به أسنا
ألا إنّ علمًا لا تكشَّفُ حُجْبُهُ ... لأهليهِ مُستدعٍ لهُ ولهم غُبْنا
فديوانُ عِلم في الخِزانة دهرَهُ ... كجِسم بلا رُوحٍ ولفظٍ بلا معنى
فهُنّيتَ يا خِلّي الكريمُ فضيلةً ... رجَحتَ جميعَ الأفضلينَ بها وَزْنا
ولا زلتَ تُبدي سُنّةً مستكِنّةً ... توَخَّى بها الإهمالُ مُذْ زمنٍ دَفْنا
وحُيِّيت عنّي يا سَرِيُّ تحيّةً ... يَغارُ عليها القلبُ أن تَلِجَ الأُذْنا
اقتضبتُها إلى سيّدي الفقيه، الذي ما زال يتخيَّرُ في الأعمالِ الصالحة الأفضلَ فالأفضلَ وينتقيه، ويتَحرَّى نَفاقَ العلم حين التزَمَ الزّهدَ فيه وقدَمَ العهدِ بمُنفِقيه، أبقاه اللهُ لسُنّة يَعِيها، ويَبذُلُ وُسعَه في إعانةِ متّبعيها، قَلَّ بمغربنا هذا وأكناف الدَّعَة فيه ممَهدَّة، والجُنوبُ غير متجافيةٍ عن فراشها، والجفونُ غيرُ مسَهَّدة، ودفاترُ العلم يُغالَى بقيمتِها فتُدَّخَر، ليس إلا ليتباهى باكتسابِها ويُفتخَر، ولا رَسْمَ
(١) هو عبد الكريم بن عمران من أهل القصر الكبير وقاضيه، توفي بمراكش وهو يتولى القضاء بها سنة ٦٤٣ هـ له ترجمة في التكملة (٢٥٦٤) وكان من أخص أصحاب الشاري، قال الرعيني: "ووقفت على أشياء نبيهة من تقييدات صاحبنا الفقيه الفاضل أبي القاسم عبد الكريم بن عمران عنه (أي عن الشاري) " (البرنامج: ٧٦). وقد وردت الإشارة إليه وإيراد بعض شعره خلال بعض تراجم هذا الكتاب. وأحال فيه المؤلف على ترجمته وهي في السفر السابع المفقود.