للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه فيها أيضًا [من الطويل]:

أبوحُ بما ألقاهُ فهو مباحُ ... فقَبْليَ أربابُ المحبّةِ باحوا

إذا باحَ مَن قَبْلي ولم يلقَ بعضَ ما ... لقِيتُ فإنّي ما عليَّ جُناحُ

أأحبابَنا لا تحسَبوا الصبرَ بعدَكمْ ... سَخِيًّا، ولا أنّ الدموعَ شِحاحُ

وإن فنِيَتْ أجسادُنا وقلوبُنا ... فتلك العهودُ السالفاتُ صِحاحُ

سَمَحْتُ لكمْ بالنفْس كي أربَحَ الرِّضا ... على ثقةٍ، إنّ السَّماحَ رَبَاحُ

فؤاديَ منقادٌ إليكمْ مُذلَّلٌ ... فما لي إذا لَجَّ العَذُولَ جِماحُ

وهل من سبيلٍ أن أطيرَ إليكمُ ... وقد حُصَّ بي ريشٌ وقُصَّ جناحُ؟

تغيَّر وقتي بعدَكمْ، فكأنّما ... صباحي مساءٌ، والمساءُ صباحُ (١)


(١) استشهد بهذا البيت مؤلف المنزع البديع في الإخلال بشريطة "العكس والتبديل" قال: "وللإخلال بها خرج قوله:
تغير وقتي بعدكم فكأنما ... صباحي مساء والمساء صباح
إلى حد المستوخم الغث، وحيز المستهرم الرث، وجانب التعمل لتنقيح المباني دون تصحيح المعاني، وكان من اختلاف المعنى وفساد النظم بحيث لا يخفى؛ ذلك لعدم تساوي طرفي القضيتين وهما المساء والصباح في انعكاس أحدهما على الآخر أو وضعه له بحسب السياق، وذلك هو قبوله وصفه موضعه، وذلك أن دلالة السياق فيه هي الإخبار بشدة الحزن الموجب تغير وقته، فصار الصباح مساءً أي أظلم له الصبح، فهذا صحيح مناسب. فأما عكس هذا وهو وضع المساء للصباح وحمل الصباح عليه وقبول كل واحد منهما موضع صاحبه وهو أن المساء صباح فمبعزل عن الحزن مناقض له. فقد قصر أحد الجزءَين بحسب دلالة السياق على آخر في الحمل وقبول وصفه وموضعه لفساد المعنى؛ فلذلك ينبغي أن يتحفظ بهذه الشريطة وإلا غلطنا فأدخلنا في هذا النوع ما ليس منه". المنزع البديع: ٣٨٧ ط. مكتبة المعارف. وقد يدل الاستشهاد المذكور على شيء من شهرة شعر ابن المُحلي وسيرورته.

<<  <  ج: ص:  >  >>