للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لم يُحِطْ علمًا بغايةِ نفسِهِ ... وهي القريبةُ، من لهُ بالأبعدِ؟

ولقد نَرى الفَلَكَ المُحيطَ وعلمُ ما ... في ضمنِه أعيى على المترصِّدِ

سَعدُ المجَرّةِ بالكواكب دائمٌ ... في زَعْمِهمْ وقسيمُها لم يَسعَدِ

من خَصَّ بالسُّفليِّ جِرْمَ البدرِ أم ... من خصَّ بالعُلْويِّ جِرمَ الفَرقَدِ

ما شاهقُ الطَّودِ المُنيفِ وإن علا ... إلا بمنزلةِ الحَضيضِ الأوهدِ

وجَوازُ عكسِ الأمرِ في ذا واضحٌ ... للعقلِ فازدَدْ من يقينِك تَرشُدِ

ذاك اختصاصٌ ليس يَعلَمُ كُنهَهُ ... من ليس يوصَفُ بالبقاءِ السَّرمَدي

خَفْضٌ عليك أبا فلانٍ إنّها ... نُوَبٌ تُطالعُنا تَروحُ وتغتدي

سالتْ علينا للشُّكوكِ جَداولٌ ... بعدَ اليقين بها ولمّا تنفَدِ

وتبَّعقت (١) بالكُفر فينا ألسُنٌ ... لا يَفقِدُ التضليلَ من لم تَفقِدِ

أعداؤنا في ربِّنا أحبابُنا ... جرحوا القلوبَ وأقبلوا في العُوَّدِ

كُشِف القِناعُ فلا هَوادةَ بينَنا ... حتى نُغادرَهمْ وراء المُسندِ

ستنالُهمْ منّا الغَداةَ قَوارعٌ ... إن لم تَغُلْهم غولُها فكأنْ قدِ

وتَصوبُ فيهمْ سُحْبُنا بصواعقٍ ... تلك التي جَلَبتْ منيّةَ أربَدِ (٢)

من كان يَضرِبُهم بسيفٍ واحدٍ ... فأنا أضاربُ [....]

ولعَمْرُ غيرِهمُ وتلك أَلِيّةٌ ... إنّ الحِمَام لجَمْعِهم بالمرصَدِ

قالوا: الفلاسفُ، قلتُ: تلك عصابة ... جاءت من الدّعوى [بما لم يُعهَدِ]


(١) التبعق في الكلام: هو التوسع فيه والتكثر منه وفي الحديث: "إن الله يكره التبعق في الكلام"، وأصل هذا من تبعق المطر؛ وهو انفتاحه بشدة.
(٢) أربد: أخو لبيد الذي دعا عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأهلكته صاعقة، وخبره مشروح في المصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>