باتت وسَلسالُ ذاك النهرِ في كدَرٍ ... فيها وناعمُ ذاك الرَّوْض قد ذَبُلا
وأصبحتْ حمصُ جنّاتُ النّعيم وقد ... أعدَدْتَ رِفْدَك للعافي بها نُزُلا
قد كان بالنهرِ معناها يَرُوقُ حلًا ... واليومَ بالبحرِ معناها يفوقُ علا
بحرٌ يَهُولُ فيُفني مَوْجَ سطوتِهِ ... كما يقولُ فيُغني كلَّ مَن سألا
يَفيضُ بالعلم أو بالجُودِ زاخرُهُ ... يَروي ويُروِي فيُغني قال أو فعلا
فللرواةِ جميعًا والعُفاةِ بهِ ... للوِردِ سَلسالُ ماءٍ قد صَفَا وحَلا
يَا واصلًا سنَدَ التوحيدِ يحمِلُهُ ... عن الخلائقِ بالمَهْديِّ متّصلا
عَلياكَ كالنّصِّ لم يَبْقَ الظهورُ بها ... من البيانِ سوى التأويل محتملا
وللفضائلِ أنواعٌ معدَّدةٌ ... وأنت جنسٌ على أنواعِها اشتَمَلا
.... عن أن يحيطَ بها ... وهل لها غايةٌ حتى يقالَ ألا؟!
.... يطوفُ الآمِلونَ بهِ ... وكفُّك الرُّكنُ مما اعتادت القُبَلا
..... بها ما صفا وبها ... بيضُ القواضبِ نارٌ تحرِقُ البطلا
.... مائها بالجودِ منهمرًا ... والموتُ من نارِها بالبأس مشتعلا
.... وهو من عَلياهُ في عددٍ ... مقسَّمَ الفِكرِ في أبوابِ كلِّ عُلا
.... طما بحرًا سَطا أسدًا ... أضاء بدرًا ذكا رَوْضًا رَسَا جَبَلا
جُودًا وعلمًا وإقدامًا ونورَ هُدًى ... وطيبَ ذكْرٍ وعلمًا بالتُّقَى كمُلا
تراهُ بالخيرِ رَوْضًا حاملًا زَهَرًا ... لكنّهُ زَهَرُ الآدابِ محتفِلا
يهزُّه الطَّرفُ غُصنًا حفَّ من أدبٍ ... والحِلم يُرسيه طَوْدًا بالنُّهى ثَقُلا
تهوى محاسنَهُ الدنيا ليمنَحَها ... وَصْلًا فيُعرضُ هِجرانًا لها وقِلى
إن سار كان مقيمًا من مهابتِهِ ... وإن أقام يُرى بالعَزْم مُرتحِلا