للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتلقّبَ بعدُ من ألقاب الخلافة بالمأمون ابن الأمير أبي يوسُف يعقوبَ المنصورِ بن أبي يعقوبَ يوسُفَ بن عبد المؤمن، وكان واليًا على مالَقةَ، وأنه وَلِي قُرْطُبةَ (١)، وهو يَرُومُ النّقلةَ إليها، فكتَبَ إليه الشّيخ أبو العبّاس داعيًا له بالخِيرة في ذلك ومودِّعًا إياه لأجْلِ الرِّحلةِ التي عزَمَ عليها، فراجَعَه الأميرُ أبو العلاء بإنشاءِ كاتبِه الأكبر حينَئذٍ، المجيد الأبرع أبي زَيْد ابن يَخْلفتَنَ الفازازيِّ (٢) رحمه الله [طويل]:

لئنْ غِبتَ عن عيني بحُكم المقادرِ ... فأنت إلى التَّذكارِ أقربُ حاضرِ

وإن بَعِدت منّا الديارُ فبينَنا ... تجاوُرُ أفكارٍ وقربُ ضمائرِ

ولن ينفعَ الأبصارَ إدراكُ (٣) مدرَكٍ ... إذا لم تؤيّدْهُ بمعنى البصائرِ

السلامُ الكريمُ العميم، الأحفلُ الأجزَل، على الشّيخ الفاضل الموشَّح بحُلى المتّقين، المرشَّح لعُلا البِرِّ والمراقبةِ واليقين، الساعي بهمّتِه عن الأقطارِ المغربيّة إلى الأنوارِ اليَثْرِبيّة، المُوطِئ بجَنْبه أكرمَ مَضْجع، الراجع إلى ربِّه تعالى أفضلَ مرجِع، المترقِّبِ ليومِه الموعود ترقُّبَ الشهودِ حتى كأنه بمَرْأى منه ومَسْمَع، فلانِ ابن فلان أبقاه اللهُ ممتَّعًا بالسَّنِيِّ فالسَّنيِّ من أحوالِه، مُبلَّغًا إلى الهنِيِّ فالهَنيِّ من آمالِه، مفرَّغًا لِما لا بدَّ من إعدادِه له ولأمثالِه، كتَبَ مُعَظّمُه ومُعَظِّمُ نِحلتِه، الغابطُ له في نُقلتِه المشكور المبرور ورحلتِه، المُنطوي له على الواجِب المتعيِّنِ من حبِّ دِخلتِه، المتمنِّي مُرافقتَه إلى تلك المَعالم المكرَّمة والمشاهد المعظَّمة ليفوزَ بمُعاينة تُربةِ نبيِّه وكعبة قِبلتِه، الراغبُ في بَرَكةِ دُعائه هنا وهناك بالإيابِ


(١) في البيان المغرب (٢٤٨) أنه كان واليًا على قرطبة سنة ٦٢١ هـ.
(٢) ترجمته في برنامج الرعيني (٣٨) والتكملة (٢٣٥٦) والمقتضب من تحفة القادم (١٣٣)، وابن الزبير في صلة الصلة ٣/الترجمة ٣٧٦، والذهبي في المستملح (٥٥٦)، وتاريخ الإسلام ١٣/ ٨٣٧، وابن الخطيب في الإحاطة ٣/ ٥١٧، والمقري في نفح الطيب ٤/ ٤٦٨، وله ديوان الوسائل المتقبلة وديوان العشريات، وهما مطبوعان.
(٣) في حاشية الأصل: "بخطه: إحساسُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>