لك من سَمِيِّك يونُسٍ ... (١) مَنْجاتُهُ لا ضِيقُهُ
وجميلُ عُقباهُ التي ... فيها أقام طليقُهُ
وأقولُ وفَّقك الإلـ ... ـهُ وحسبُنا توفيقُه
[ولمّا وَصلَ إلى مَرّاكُش] تُلقِّيَ بما يُتلَقَّى به أمثالُه، وتَرقَّى إلى الغاية في تسويغ [ما يُسوِّغُه له كمالُه] , ورَعَى كلٌّ من أعلامِها حقَّ وِفادتِه، وسَعَى بجِدِّه [في السّهرِ على ما] يجبُ له في إفادتِه، واستشرفَ إلى لقائه الرّشيدُ فاستدعاهُ [إلى مجلسِه واستدناهُ، ونالهُ] من تأنيسِه وتقرِيبه أقصى ما تمنّاهُ، وأمتَعَه الشّريفُ بما عندَه من أخبارِه، وطرَّزَ مجالسَه بمُستطرفاتِ أشعارِه، وكان ممّا أنشَدَ في مجلسِه عندَه وأخبرَ، قًال: أخبرني أخي وأنشَدني، قال: حضرتُ مجلسَ الإمام الواعظ أبي الفَرَج ابن الجَوْزيِّ رحمَه الله ببغدادَ يومَ عاشُوراءَ وقد اكتَحلَ، فقام إليه أحدُ الشِّيعة وقال له: لم تجِدْ متى تكتحلُ إلا في اليوم الذي قُتلَ فيه الحُسَين وسُفِك فيه دَمُه؟ أوَما علِمتَ أن الكُحلَ من الزّينةِ التي تُناسبُ السرور؟ وكأنّ ذلك كان نَذْرًا عليك! فأجابه أبو الفَرَج بهذينِ البيتَيْنِ ارتجالًا [من مخلع البسيط]:
ولائمٍ لامَ في اكتحالي ... يومَ استحَلُّوا دمَ الحُسينِ
فاستظرَفهما الرّشيدُ ولهجَ بهما وأشار بالأخْذِ في تذييلِهما بخمسةِ أبيات، فأنهى نقيبُ الطلبة تلك الإشارةَ إلى بعضِ مَن حضَر من الأدباء، فحُفِطتُ عنهم في ذلك تذييلاتٍ، منها: قولُ نقيبِهم أبي زكريّا الفازَازيّ [من مخلع البسيط]: