للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله شيوخٌ غيرُ هؤلاءِ لا أتحقَّقُ الآنَ كيفيّةَ تحمُّلِه عنهم، منهم: أبو عبد الله ابنُ الرُّيُوطي، وأبو العبّاس بن عثمانَ بن مكحول.

رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وأبو خالدٍ يَزيدُ بن رِفاعةَ، وأبو محمد بن محمّد بن عليِّ بن وَهْب القُضاعيُّ.

وكان محدِّثًا مُكْثِرًا ثقةً ضابطًا مُقرئًا مجوّدًا حافظًا للفقه ذاكِرًا لمسائلِه عارفًا بأصولِه، متقدّمًا في علم الكلام، عاقدًا للشّروطِ بصيرًا بعلَلِها حاذقًا بالأحكام، كاتبًا بليغًا، شاعرًا محُسِنًا، ألقَ أهلِ عصرِه خطًّا وأجملَهم فيه منزِعًا، وكتَبَ من دواوين العلم ودفاترِه ما لا يُحصىَ كثْرةً وجَوْدةً وضبطًا (١).

وعُني به أبوه في صِغَره فأسمَعَه كثيرًا من الشيوخ وشارَكَه في بعضِهم، منهم: أبو بحر، وآباءُ بكر: ابنُ طلحةَ وابنُ العَرَبي وابنُ عَطِيّة، وأبو الحَجّاج بن عُدَيْس، وأبو الحَسَنُ بن شَفِيع، وأبو الرَّبيع ابن البيغي، وآباءُ عبد الله: ابن المحتسِب وابن عَمْرو وابن عيسى وابن يحيى، وأبو العبّاس بن مكحول، وأبو محمدٍ سِبطُ ابن عبد البَرّ وأبو الوليد بن بَقْوِي المذكورون.

عُنيَ هو بنفسِه واشتَدَّ كلَفُه بالعلم وحِرصُه عليه وتواضَعَ في التماسِه شَغَفًا به، فأخَذَه عن الكبير والصغير والنَّظير من كلِّ من قَدَّر عندَه فائدة، واستَكثَرَ من ذلك حتى اتّسعت روايتُه وجَلَّتْ معارفه.

وكتَبَ عن القاضي أبي عبد الله بن حَسُّونَ ابنِ البَزّاز أيامَ استقضائه المرّة (٢) الأولى بمَرّاكُشَ سنةَ سبع وعشرينَ إلى أنْ صُرف، ولمّا خَبِرَه أبو القاسم بن أبي جَمْرة المذكورُ وتعَرَّفَ ما عندَه من العَفاف والتصاوُن والإدراكِ حظِيَ لديه وقَبَضَ عليه بكلتا يدَيْه واستَصحبَه، إذ وَليَ قضاءَ غَرناطة، فانتقلَ إليها بجُملتِه ونَوَّه به أبو القاسم كثيرًا واستَخْلَصَه، وكانت له فيه آمالٌ حالَ الموتُ بينَه وبينَ توفِيتها


(١) في م: "وجَوّد ضبطه".
(٢) في ق: "المدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>