للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي إسحاقَ بن عبد المؤمن، ثُم ترَكَ ذلك والتزَمَ كَتْبَ الشّروط، فكان من ذوي التبريز في عقودِها والنفوذِ فيما يتعلَّقُ بمعانيها.

وله تصانيفُ أدبيّة، وكتابُهُ في الترسيل المجموعُ من كُتِب أهل العَصْر ومَن قبلَهم من أحفَل الموضوعاتِ في فنِّه وسَمّاه: "تشبيبَ الإبريز" وضمَّنَه جُملةً وافرةً من نَظْمه ونثره، وكان جَمْعُه إياه باقتراح المشرَّف أبي عبد الله بن عبد الرحمن بن سُهَيْل ووَصَلَه عليه لمّا رَفَعَه إليه بمالٍ جَسيم وكُسًى فاخِرة، ومجموعاتُه الثلاثة في العَروض، كذلك، وهي: كبيرٌ وصَغير ومتوسِّط، وجعَلَها كلَّها معَ مختصَر في القوافي، مجموعةً في ديوانٍ واحد، قال في صَدْرِه: ورجَوْتُ ألا يَحتاجَ معَ تناهيه في البيان وإبداءِ شَرْحِه للعِيان إلى مُقرئ يَشرَحُه، إذْ لا أترُكُ للناظر فيه مُغلَقًا لا يفتَحُه، وجعَلْتُه تأليفَيْنِ مختصَرًا ومُطوَّلًا أبدأُ منهما بالمختصَر أولًا، فالمُختصَر يُجزي وَيكفي والمُطوَّلُ يُكملُ وَيشفي، أُسمِّي المختصَر بـ "المقطوف من تدقيق وَضْع الميزان لعلم العَروض والأوزان"، وأُسمِّي المطوَّلَ بـ "المعطوف من تحقيق العِيان للفَرْش والمثالِ في غاية البيان" يُنالُ بالأوّل فتحُ الباب ومَنْحُ اللُّباب ورَشْفُ الرُّضاب في الاقتضاب، وُيدرَكُ بالثاني تمكينُ الإبهام في الأفهام وتحقيقُ الإحكام للأحكام، فجَلَوْتُهما عَرُوسَيْن على مِنَصَّتَيْن ناويًا مِنَصَّتَيْن: جَلْوةَ الحسناء على مِنَصّة الإجزاء، وجَلْوَة البارِعةِ الجمال، على مِنَصّة الكمال. ولمّا فَرَغَ من هذا الثاني عقَّبَه بقولٍ مقتضَب في القوافي وافتَتَحَه بقولِه: كثيرًا ما قَفّى العَرُوضيُّون علمَ العَروض بعلم القوافي، فجعَلوهُما في الاتّصال والاقتران بمنزلةِ القَوادم معَ الخَوافي، فاقتدَيْتُ بهم في ذلك، وسلَكْتُ في هذا التأليف تلك المَسالك. وأتَى بعلم القوافي على غايةٍ من الاختصار. ولمّا أتمَّ غرَضَه من هذا الكتاب وَصَلَه بمُختصَر في العَروض سَمّاه "عُمدةَ الاقتصار وزُبْدةَ الاختصار"، وكان تأليفُه إيّاها الثلاثةَ برَسْم رئيس الطّلبة (١)


(١) رئيس الطلبة أو مزوارهم في عهد المعتضد هو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العراقي. انظر البيان الغرب ٣/ ٣٧٠ - ٣٧١ وفي ص: ٣٥٨ منه أنه كان من خواص المعتضد، وأحال المؤلف أثناء ترجمته لبعضهم في السفر الثامن على ترجمته بقوله: "وقد جرى له ذكر في رسم أبي محمد بن عبد الرحمن العراقي". وينبغي أن تكون هذه الترجمة في السفر السابع وهو مفقود.

<<  <  ج: ص:  >  >>