وتبعه أبو إسحاقَ الكانميُّ (١) فقال، ونقَلتُه من خطِّه:
علقمةٌ نَفْسُك لا تغتَرِرْ ... بشُهدةٍ آخِرُها عَلْقَمهْ
مَلْأَمة تَقبُحُ بينَ الوَرَى ... بالحُرّ أن يختارَ سِيْمَا الأَمَهْ
[١٦ أ] ولا يَعزُبُ التعزيزُ بمثل هذا البيت الأوّل من هذَيْن البيتَيْن على أدنى مُقيمي وَزْن الشِّعر ومُقترضيه، إذا غَفَلَ عن انتقادِ مُنتقِديه، واعتراضِ معترِضيه، فإنّ صَدْرَ طرَفَيْه من عَجُزِهما منقول، فالتعزيزُ بمثلِه مرذول، وعَقْدُ الثّقة بما أشبَهَه محلول، وثاني البيتينِ إنّما يَشتبهُ طَرَفاهُ لفظًا لا خطًّا فاعلَمْه.
وذَيَّلَهما أبو أُميّةَ إسماعيلُ بن سَعْدِ السّعود بن عُفَيْرٍ بقوله:
والمرءَ مَهّدْهُ إذا ما جَفَا ... بالبِرِّ إن شئتَ لهُ المَرْأَمَهْ
وضَرَّ مهجورِكَ عالِجْ فما ... مَن أطفأَ الشرَّ كمَن ضَرَّمَهْ
وكَرَّ مهزومكَ حاذِرْ فكمْ ... طريدِ هونٍ كَرُّهُ كَرَّمَهْ
وعَلَّ مَهْديَّ النُّهى إن يُرى ... يَبُذُّ في العلم الذي عَلَّمهْ
وسُلَّ مهدومَ الحِجَى من حَلَى ... مآثر مَدَّ لها سُلَّمَهْ
وكَلَّ مَهْوى غَيةٍ ضَعْهُ عن ... رأيِكَ وارفُضْ كلَّ مَن كَلَّمَهْ
وهذه القطعةُ كما ترى أسبَكُ من غيرِها وأسلَسُ نَظمًا، وأبيَنُ معاني وأمتنَ مباني، غيرَ أنّها مُنحَطّةٌ عن بيتَي الحريريِّ من قِبَلِ التزام أبي أُميّةَ في صدورِ أبياتِها حرفَ العطف وإعراءِ أعجازِها منه، فلم يتمَّ له من أجْل ذلك اشتباهُ الطَّرَفَيْن.
ومثلُها ما أنشَدَني الصاحبُ الأكرم الحاجُّ المبرورُ الراوِية أبو عبد الله بن رُشَيْد، قال: أنشَدَني أبو محمد عبدُ الواحِد بن محمد بن مبارَك التّونُسيُّ لنفسِه:
وسُلَّ مهزوزَك يومَ الوغى ... تَرْقَ إلى أعلى العُلى سُلَّمَهْ
(١) إبراهيم بن يعقوب، وكانم بليدة بنواحي غانة، توفي بمراكش سنة ٦٠٨ هـ "تاريخ الإسلام ١٣/ ٢٥٧).