يواجه بها الطغيان، وهذه هي الصورة البارزة للفتنة، المعهودة في الذهن حين تذكر الفتنة، ولكنها ليست أعنف صور الفتنة، فهناك فتن كثيرة في صور شتّى ربما كانت أمرّ وأدهى.
هناك فتنة الأهل والأحباء الذين يخشى عليهم أن يصيبهم الأذى بسببه، وهو لا يملك عنهم دفعاً، وقد يهتفون به ليسالم أو ليستسلم، زينادونه باسم الحبّ والقرابة، واتّقاء الله في الرّحم التي يعرّضها للأذى أو الهلاك. وقد أشير في هذه السورة إلى لون من هذه الفتنة مع الوالدين، وهو شاقّ عسير.
وهناك فتنة إقبال الدنيا على المبطلين، ورؤية الناس لهم ناجحين مرموقين، تهتف لهم الدّنيا، وتصفّق لهم الجماهير، وتتحطّم في طريقهم العوائق، وتصاغ لهم الأمجاد، وتصفّق لهم الحياة، وهو مُهْمَل مُنْكَر لا يحس به أحد، ولا يحامي عنه أحد، ولا يشعر بقيمة الحق الذي معه إلا القليلون من أمثاله الذين لا يملكون من أمر الحياة شيئاً.
وهناك فتنة الغربة في البيئة والاستيحاش بالعقيدة، حين ينظر المؤمن فيرى كل ما حوله وكل من حوله غارقاً في تيّار الضلالة، وهو وحده موحش غريب طريد.
وهناك فتنة من نوع آخر قد نراها بارزة في هذه الأيّام .. فتنة أن يجد المؤمن أمماً غارقةً في الرذيلة، وهي مع ذلك راقيّة ماديًّا في مجتمعها، متحضّرة في حياتها هذه .. يجد الفرد فيها من الرعاية والحماية ما يناسب قيمة الإنسان، ويجدها غنيّة قويّة، وهي مشاقّة الله.
وهنالك الفتنة "الكبرى" أكبر من هذا كله وأعنف .. فتنة النفس والشهوة،