للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقلّة دالة على ربوبيّته وإلهيّته، فأقسم بالعالم العلوي، وهي السماء وما فيها من البروج، التي هي أعظم الأمكنة وأوسعها!

ثم أقسم بأعظم الأيام وأجلّها قدرًا الذي هو مظهر ملكه، وأمره ونهيه، وثوابه وعقابه، ومجمع أوليائه وأعدائه، والحكم بينهم بعلمه وعدله!

ثم أقسم بما هو أعم من ذلك كله، وهو الشاهد والمشهود .. وناسب هذا القسم ذكر أصحاب الأخدود الذين عذّبوا أولياءه، وهم شهود على ما يفعلون بهم، والملائكة شهود عليهم بذلك، والجوارح تشهد به عليهم، وأيضاً فالشاهد هو المطّلع والرقيب، والمخبر والمشهود، وهو المطلع عليه المخبر به، المشاهد!

فمن نوّع الخليقة إلى شاهد ومشهود، وهو أقدر القادرين، كما نوّعها إلى مرئي وغير مرئي، كما قال سبحانه:

{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩)} (الحاقة)!

كما نوعها إلى أرض وسماء، وليل ونهار، وذكر وأنثى!

وهذا التنويع والاختلاف من آياته سبحانه - كذلك نوعها إلى شاهد ومشهود!

وفيه سرّ آخر: وهو أن من المخلوقات ما هو مشهود عليه، ولا يتم نظام العالم إلا بذلك، فكيف يكون المخلوق شاهداً رقيباً حفيظاً على غيره، ولا يكون الخالق تبارك وتعالى شاهداً على عباده مطلعاً عليهم رقيباً؟!

وأيضاً فإن ذلك يتضمّن القسم بملائكته وأنبيائه ورسله؛ فإنهم شاهدون على العباد، فيكون من باب اتحاد المقسم به والمقسم عليه، كما أقسم باليوم

<<  <  ج: ص:  >  >>