للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم مدى الطاقة وجهد الاحتمال .. إن الأمر في حس المؤمن لا يقوم له شيء، مهما تجاوز الأذى طاقته واحتماله .. وهذا هو مفرق الطريق بين الإيمان في القلوب والنفاق!

وفي نفس السورة يطالعنا قول الله تعالى:

{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)}!

بعد ذكر مصارع الطغاة البغاة العتاة من الكفرة والظلمة والفسقة على مدار القرون .. وبعد الحديث في مطلع السورة عن الفتنة والابتلاء، والإغراء -كما أسلفنا (١) - يطالعنا المثل لحقيقة القوى المتصارعة في هذا المجال .. وهنا نبصر قوة واحدة، هي قوة الله .. وما عداها فهو هزيل واهن .. من تعلَّق به أو احتمى فهو كالعنكبوت الضعيفة تحتمي ببيت من خيوط واهية، فهي وما تحتمي به سواء.

إنه تصوير عجيب صادق لحقيقة القوى في هذا الوجود .. الحقيقة التي غفل عنها الناس أحياناً، فيسوء تقديرهم لجميع القيم، ويفسد تصورهم لجميع الارتباطات، وتختلّ في أيديهم جميع الموازين، ولا يعرفون إلى أين يتوجّهون .. ماذا يأخذون، وماذا يدعون؟

وعندئذ تخدعهم قوّة الحكم والسلطان .. يحسبونها القوّة القادرة التي


(١) السابق: ٢٧٣٦ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>