تعمل في هذه الأرض، فيتوجهون إليها بمخاوفهم ورغائبهم، ويخشونها ويفزعون منها، ويترضّونها ليكفّوا عن أنفسهم أذاها، أو يضمنوا لأنفسهم حماها!
وتخدعهم قوّة المال، يحسبونها القوة المسيطرة على أقدار الناس وأقدار الحياة، ويتقدّمون إليها في رغب وفي رهب، ويسعون للحصول عليها، ليستطيلوا بها، ويتسلّطوا على الرقاب، كما يحسبون!
وتخدعهم قوّة العلم، يحسبونها أصل القوّة، وأصل الإيمان، وأصل سائر القوى التي يصول بها من يملكها ويجول، ويتقدّمون إليها خاشعين، كأنهم عباد في المحاريب!
وتخدعهم هذه القوى الظاهرة .. تخدعهم في أيدي الأفراد، وأيدي الجماعات، وأيدي الدول، فيدورون حولها، ويتهافتون عليها، كما يدور الفراش على المصباح، وكما يتهافت الفراش على النار!
وينسون القوّة الوحيدة التي تخلق سائر القوى الصغيرة، وتملكها، وتمنحها، وتوجّهها، وتسخّرها كما تريد حينما تريد!
وينسون أن الالتجاء إلى تلك القوى، سواء كانت في أيدي الأفراد، أو الجماعات أو الدول .. كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت .. حشرة ضعيفة رخوة واهنة، لا حماية لها من تكوينها الرخو، ولا وقاية لها من بيتها الواهن!
وليس هنالك إلا حماية الله، وإلا حماه، وإلا ركنه القويّ الركين!
هذه الحقيقة الضخمة هي التي عُني القرآن بتقريرها في نفوس الفئة المؤمنة،