للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدَرُ الله في إعداد الجماعة المسلمة للقيادة يمضي في طريقه، بشتّى الأسباب والوسائل، وشتى الملابسات والوقائع .. يمضي أحياناً عن طريق النصر الحاسم للجماعة المسلمة، فتستبشر، وترتفع ثقتها بنفسها -في ظلّ العون الإلهيّ- وتجرب لذة النصر، وتصبر على نشوته، وتجرب قوتها على مغالبة البطر والزهو والخيلاء، وعلى التزام التواضع والشكر لله .. ويمضي أحياناً عن طريق الهزيمة والكرب والشدّة، فتلجأ إلى الله، وتعرف حقيقة قوّتها الذاتيّة، وضعفها حين تنحرف أدنى انحراف عن منهج الله، وتجرب مرارة الهزيمة، وتستعلي مع ذلك على الباطل، بما عندها من الحقّ المجرّد، وتعرف مواضع نقصها وضعفها، ومداخل شهواتها، ومزالق أقدامها، فتحاول أن تصلح من هذا كله في الجولة القادمة .. وتخرج من النصر، ومن الهزيمة بالزاد والرصيد .. ويمضي قَدَرُ الله وفق سنّته لا يتخلف ولا يحيد!

ويمضي السياق في تقرير حقائق التصوّر الإِسلامي الكبيرة، وفي تربية الجماعة المسلمة بهذه الحقائق، متخذاً من أحداث المعركة محوراً لتقرير تلك الحقائق، ووسيلة لتربية الجماعة المسلمة بها على طريقة المنهج القرآنيّ العزيز:

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>