حقائق هذا واضحة مريحة، بيّنة صريحة، تبني التصوّر، وتريح الشعور، وتمضي شوطاً مع تعليم الله لهذه الجماعة، وإعدادها لدورها الكبير الخطير!
ونبصر السياق يحكي عند حال طائفة أخرى -في الصفّ المسلم- لعلّها هي طائفة المنافقين، يذكر عنها فعلاً جديداً، وفصلاً جديداً! ومع الحكاية التنفير من الفعلة، ومع التنفير التعليم والتوجيه والتنظيم .. كل ذلك في آيات قليلة، وعبارات معدودة: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} (النساء).
إن هذا الفريق من الناس إذا كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع منه القرآن وما فيه من التكاليف قالوا {طَاعَةٌ} قالوها هكذا جامعة شاملة .. طاعة مطلقة، لا اعتراض ولا استفهام، ولا استيضاح ولا استثناء! ولكن ما إن يخرجوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تبيّت طائفة منهم غير الذي تقول، وتروح فيما بينها تتآمر على عدم التنفيذ، وعلى اتخاذ خطّة للتخلص من التكليف!
ولعل النص يصوّر حال الجماعة المسلمة كلها، ويستثني منها هذه الطائفة ذات الشأن الخاص .. ويكون المعنى: أن المسلمين يقولون {طَاعَةٌ} بجملتهم .. ولكن طائفة -وهي هذه الطائفة المنافقة- إذا خرجت بيّت أفرادها غير ما قالوا .. وهي صورة ترسم تلك الخلخلة بعينها في الصف المسلم، فإن هؤلاء مندسّون فيه على كل حال، وتصرّفهم على هذا النحو يؤدي الصفّ ويخلخله، والجماعة المسلحة تخوض المعركة في كل ميادينها وبكل قوتها!