نبض قومه، وإشراق روحه، وضياء ذهنه، وامتلائه بالحياة التي لا تعرف حدًّا؛ لأنها تتّصل من الوجود بكل حياة الوجود!
والإسراء بالرّوح هو في معناه كالإسراء والمعراج بالرّوح جميعاً، سموًا وجمالًا وجلالاً، فهو تصوير قويٌّ للوحدة الرّوحيّة من أزل الوجود إلى أبده، فهذا التعريج على جبل سيناء، حيث كلم الله موسى تكليماً، وعلى بيت لحم حيث ولد عيسى، وهذا الاجتماع الرّوحيّ ضمّت الصلاة فيه محمدًا وعيسى وموسى وإبراهيم، مظهر قويٌّ لوحدة الحياة الدّينيّة، على أنها من قوام وحدة الكون في مَوْره الدائم إلى الكمال!
والعلم في عصرنا الحاضر يقرّ هذا الإسراء بالرُّوح، ويقرّ المعراج بالرُّوح، فحيث تتقابل القوى السليمة يشعّ ضوء الحقيقة، كما أن تقابل قوى الكون في صورة معيّنة قد طوّع لـ (ماركوني)، إذ سلّط تيّاراً كهربائيًا خاصًا من السفينة التي كانت راسيةً بـ (البندقيّة)، وأن يضيء بقوّة موجات الأثير مدينة (سدني) في (أستراليا)!
وفي عصرنا هذا يقرّ العلم نظريات قراءة الأفكار، ومعرفة ما تنطوي عليه، كما يقرّ انتقال الأصوات على الأثير ب (الراديو)، وانتقال الصور والمكتوبات كذلك، مما كان يعتبر فيما مضى بعض أفانين الخيال!
وما تزال القوى الكمينة في الكون تتكشّف لعلمنا كل يوم عن جديد .. فإذا بلغ روح من القوّة، ومن السلطان، ما بلغت نفس محمَّد، فأسرى به الله ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك حوله، ليريه من آياته، كان ذلك مما يقرّ العلم، وكانت حكمة ذلك هذه المعاني القويّة