للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحق الحق، وبطل الباطل، وانتهى الأمر في هذه الحياة الدنيا, ولكنهم مؤجّلون -كما أسلفنا- إلى يوم الوقت المعلوم!

فأمّا الأجيال التي ورثت الكتاب من بعد أولئك الذين تفرّقوا وفرقوا من أتباع كل نبيّ، فقد تلقوّا عقيدتهم وكتابهم بغير يقين جازم؛ إذ كانت الخلافات السابقة مثاراً لعدم الجزم بشيء، وللشك والغموض والحيرة بين شتّى المذاهب والاختلافات:

{وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤)}!

وما هكذا تكون العقيدة؛ لأنها هي الصخرة الصلبة التي يقف عليها المؤمن، فتميد الأرض من حوله، وهو ثابت راسخ القدمين فوق تلك الصخرة التي لا تميد .. وهي النجم الهادي الثابت، يتجه إليه المؤمن وسط الأنواء والزوابع، فلا يضل ولا يحيد!

فأمّا حين تصبح العقيدة ذاتها موضع شك ومثار ريبة، فلا ثبات لشيء ولا لأمر في نفس صاحبها, ولا قرار له على جهة، ولا اطمئنان إلى طريق!

لقد جاءت العقيدة ليعرف أصحابها طريقهم ووجهتهم إلى الله، ويقودوا - من وراءهم- من البشر في غير ما تلجلج ولا تردد ولا ضلال، فإذا هم استرابوا وشكوا فهم غير صالحين لقيادة أحد، وهم أنفسهم حائرون، وكذلك كان أتباع الرسل يوم جاء هذا (الدّين القيّم)!

يقول المفكر الإِسلامي (أبو الحسن الندوي) - رحمه الله: (١)

(أصبحت الديانات العظمى فريسة العابثين والمتلاعبين، ولعبة المحرّفين


(١) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين: ٣٧ - ٣٨ دار القلم، ط تاسعة ١٣٩٣ هـ ١٩٧٣ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>