ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله .. فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم، متطلّعة إلى أعلى وهي مستقرّة على الأرض .. وإذا العمل عبادة متى توجّه الإنسان به إلى الله، ولو كان هذا العمل متاعاً واستمتاعاً بالحياة، فلا مادّية كما نشهد في عالمنا المعاصر .. ولارهبانية أيضاً!
ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين التكاليف والطاقة، فلا تشقّ التكاليف على النفس حتى تملّ وتيأس من الوفاء، ولا تترخّص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال!
ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض: أفراداً وأسراً، وحكومات وشعوباً، ودولاً وأجناساً!
ومعلوم أن (الدين القيّم) يقيم العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى، ولا تميل مع المودة، والشنآن، ولا تصرّفها المصالح والأغراض .. الأسس التي أقامها العلم الخبير لخلقه، وهو أعلم بمن خلق، وأعرف بما يصلح لهم في كل أرض وفي كل جيل، فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم، ونظام المال، ونظام الاجتماع، ونظام التعامل الدّولي اللاّئق بعالم الإنسان!
ويهدي للتي هي أقوم في تبنِّي الرسالات السماوية -ومنها رسالة موسى عليه السلام- والربط بين هذه الرسالات، وتعظيم مقدّساتها، وفق هدى الحق، وصيانة حرماتها، وفق وحي السماء، فإذا البشريّة بجميع رسالاتها السماويّة في سلام ووئام!