طويلاً، فقد تكشّفت خفاياها، وظهر بجلاء ووضوح أن منهج الكتابة لم يكن إسلامياً أصيلاً، وإنما تشوبه التبعيّة لمناهج الاستشراق والتغريب!
ورأينا الدكتور (طه حسين) قد أعلن أنه استوحى (على هامش السيرة) من كتاب (جيل لومتير) عنوانه (على هامش الكتب القديمة) وقد حشد فيه كل ما استطاع من أساطير اليونان وغيرهم!
وقد صرّح في مقدمة كتابه بقوله (١):
(هذه صحف لم تكتب للعلماء ولا للمؤرخين؛ لأني لم أرد بها إلى العلم، ولم أقصد بها إلى التاريخ, وإنما هي صورة عرضت لي أثناء قراءتي للسيرة، فأثبتها مسرعاً، ثم لم أر بنشرها بأساً، ولعلّي رأيت في نشرها شيئاً من الخير، فهي تردّ على الناس أطرافاً من الأدب القديم، قد أفلتت منهم، وامتنعت عليهم، فليس يقرأها منهم إلا أولئك الذين أتيحت لهم ثقافة واسعة عميقة في الأدب العربيّ القديم، وإنك لتلتمس الذين يقرؤون كتب القدماء في السيرة، وحديث العرب قبل الإسلام، فلا تكاد تظفر بهم .. إلى أن قال:
وفي أدبنا العربي على قوته الخاصة، وما يكفل للناس من لذة ومتاع، قدرة على الوحي، وقدرة على الإلهام، فأحاديث العرب الجاهليّن وأخبارهم لم تكتب مرّة واحدة، ولم تحفظ في صورة بعينها، وإنما قصّها الرواة في ألوان من القصص، وكتبها المؤلفون في صنوف من التأليف، وقل مثل ذلك في السيرة نفسها، فقد ألهمت الكتّاب والشعراء في أكثر العلوم الإسلاميّة، وفي أكثر البلاد الإسلاميّة أيضاً، فصوّروها صوراً مختلفة تتفاوت حظوظها
(١) انظر: إسلاميّات طه حسين: ١٧٣ وما بعدها، دار العلم للملايين، ط. خامسة ١٩٩١ م.