للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما الكافر؟ إن هو إلا نبتة ضالة لا وشائج لها في تربة هذا الوجود ولا جذور .. إن هو إلا فرد منقطع الصلة بخالق الوجود، فهو منقطع الصلة بالوجود، لا تربطه به إلا روابط هزيلة من وجوده الفردي المحدود .. في أضيق الحدود. في الحدود التي تعيش فيها البهيمة .. حدود الحسّ وما يدركه الحسّ من ظاهر هذا الوجود!

إن الصله بالله، والصلة في الله، لتصل الفرد الفاني بالأزل القديم والأبد الخالد .. ثم تصله بالكون الحادث والحياة الظاهرة .. ثم تصله بموكب الإيمان والأمة الواحدة الضاربة في جذور الزمان .. الموصولة على مدار الزمان .. فهو في ثراء من الوشائج، وفي ثراء من الروابط، وفي ثراء من الوجود الزاخر الممتد اللاحب، الذي لا يقف عند عمره الفردي المحدود!

ويجد الإنسان في قلبه هذا النور، فتتكشف له حقائق هذا الدين، ويتكشف له منهجه في العمل والحركة، تكشفاً عجيباً!

إنه مشهد رائع باهر، هذا الذي يجده الإنسان في قلبه حين يجد هذا النور .. مشهد التناسق الشامل العجيب في طبيعة هذا الدين وحقائقه .. ومشهد التكامل الجميل الدقيق في منهجه للعمل وطريقته!

إن هذه الرسالة التي حملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبصرنا بأن هذا (الدّين القيّم) يبدو تصميماً واحداً متراكباً متناسقاً .. يبدو حيًّا يتجاوب مع الفطرة، وتتجاوب معه في ألفة عميقة وفي صداقة وثيقة، وفي حب ودود!

ويجد الإنسان في قلبه هذا النور، فتتكشف له حقائق الوجود، وحقائق الحياة، وحقائق الناس، وحقائق الأحداث التي تجري في هذا الكون، وتجري في عالم الناس .. تتكشف له في مشهد كذلك رائع باهر .. مشهد السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>