قال: هذا ما اتفقت عليه الروايات، ويصح الاعتقاد به. وقد بينت لنا هذه السورة الكريمة أن ذلك الجدري أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش، بواسطة فرق عظيمة من الطير، مما يرسله الله مع الريح!
فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم الأمراض، وأن تكون هذه الحجارة من الظن المسموم اليابس الذي تحمله الرياح، فيعلق بأرجل هذه الحيوانات، فإذا اتصل بجسده دخل في مسامه، فأثار فيه تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه، وأن كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يعد من أعظم جنود الله في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر، وأن هذا الحيوان الصغير -الذي يسمونه الآن بالميكروب- لا يخرج عنها، وهو فرق وجماعات لا يُحصي عددها إلا بارئها .. ولا يتوقف ظهور أثر قدرة الله تعالى في قهر الطاغين، على أن يكون الطير في ضخامة رؤوس الجبال، ولا على أن يكون من نوع عنقاء مغرب، ولا على أن يكون له ألوان خاصة به، ولا على مقادير الحجارة وكيفية تأثيرها .. فلله جند من كل شيء:
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الواحد
وليست في الكون قوة إلا وهي خاضعة لقوته .. فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت، أرسل الله عليه من الطير ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة، فأهلكته وأهلكت قومه، قبل أن يدخل مكة، وهي نعمة غمر الله بها أهل حرمه -على وثنيّتهم- حفظاً لبيته، حتى يرسل من يحميه بقوة دينه!
وقال: هذا ما يصح الاعتماد عليه في تفسير السورة، وما عدا ذلك فهو مما