للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يصح قبوله إلا بتأويل، إن صحت روايته .. ومما تعظم به القدرة أن يؤخذ من استعز بالفيل -وهو أضخم حيوان من ذوات الأربع جسماً- ويهلك، بحيوان صغير لا يظهر للنظر، ولا يدرك بالبصر، حيث ساقه القدر. لا ريب عند العاقل أن هذا أكبر وأعجب وأبهر!

وهذا الرأي الذي ذهب إليه الشيخ الإمام ليس أولى بتفسير الحادث من ظاهر النصوص -كما أسلفنا-، وبالتالي لا يصح الاعتماد عليه، ذلك أن ابن الأثير علّق على رواية الطبري عن يعقوب بن عتبة التي أوردها الطبري -كما سبق- بقوله:

وهذا مما لا ينبغي أن يعرج عليه، فإن هذه الأمراض قبل الفيل منذ خلق الله العالم (١). وأن الماوردي نقل قول أبي صالح: رأيت في دار أم هانئ نحو قفيز من الحجارة التي رمي بها أصحاب الفيل مخططة بحمرة، كأنها الجزع. وقال ابن مسعود: ولما رمت الطير بالحجارة بعث الله ريحاً فزادتها شدة، وكانت لا تقع على أحد إلا هلك، ولم يسلم منهم إلا رجل من كندة (٢)!

ولذلك يتبيّن لنا مدى الخطأ الذي وقع فيه بعض الذين قالوا (٣): إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يريد بالطير الرياح المتجمعة، وبالحجارة ذرات التراب التي حملت ميكروب الجدري، كما ذهب الدكتور (هيكل) وغيره!

فإنه لم يعهد في لغة العرب أن يقال عن الرياح: إنها طير أبابيل، ولا ينبغي


(١) انظر: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ١:، ٩٧.
(٢) تفسير الماوردي: ٤: ٥٢١.
(٣) القول المبين في سيرة سيد المرسلين: ١٦ - ١٧، وانظر قول الدكتور هيكل في (حياة محمد): ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>