أن يقال ذلك، ولا يصح أن يلجأ إلى مثل هذا المجاز ما دامت الحقيقة غير مستحيلة على قدرة الله!
وإذا كانت الريح قد حملت ميكروب الجدري فلماذا هلك الأحباش وحدهم، ولِمَ لم يهلك معهم العرب؟!
وإذا كان حادث الفيل قد وقع عام ميلاد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمن الثابت -كما أسلفنا- أن سورة الفيل قد نزلت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وقت كان يعيش فيه من أهل مكة أناس رأوا الحادث بأعينهم، وبعضهم من أعداء الرسالة والرسول، فلو لم تكن الطيور طيوراً حقيقة، والحجارة حجارة حقيقيّة، لظهر من العرب من يسارع إلى تكذيب حادث الفيل بهذه الصورة في تلك السورة، ويعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، وينتهزها فرصة في الكيد للرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -!
ولكن الواقع أن سورة الفيل قد نزلت تقرّر حقيقة واقعة معروفة عند العرب، لا شك فيها, ولا يجرؤ أحد على إنكارها!
ثم إن سنة الله ليست فقط هي ما عهده البشر وما عرفوه (١)، وما يعرف البشر من سنة الله إلا طرفاً يسيراً يكشفه الله لهم بمقدار ما يُطيقون، وبمقدار ما يتهيّؤون له بتجاربهم ومداركهم في الزمن الطويل، فهذه الخوارق-كما يسمّونها- هي من سنّة الله، ولكنها خوارق بالقياس إلى ما عهدوه وما عرفوه!
ومن ثم فنحن لا نقف أمام الخارقة متردّدين ولا مؤوّلين لها -متى صحت الرواية- أو كان في النصوص وفي ملابسات الحادث ما يوحي بأنها جرت