للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فإن فالق ظلمة الليل على ضوء النهار هو الذي فلق ظلمة الجهل والشرك بنور الوحي والنبوّة!

فهذان للحسّ!

وهذان للعقل!

وأيضاً فإن الذي اقتضت رحمته ألا يترك عباده في ظلمة الليل سرمدًا، بل هداهم بضوء النهار إلى مصالحهم ومعايشهم، لا يليق به أن يتركهم في ظلمة الجهل والغيّ، بل يهديهم بنور الوحي والنبوّة إلى مصالح دنياهم وآخرتهم!

فتأمّل حُسن ارتباط المقسم به بالمقسم عليه!

وتأمّل هذه الجزالة والرونق الذي على هذه الألفاظ، والجلالة التي على معانيها!

ونفى سبحانه أن يكون ودع نبيّه أو قلاه، فالتوديع: الترك، والقلى: البغض، فما تركه منذ اعتنى به وأكرمه، ولا أبغضه منذ أحبّه، وأطلق سبحانه أن الآخرة خير له مما قبلها، ثم وعده بما تقرّ به عينه، وتفرح به نفسه، وينشرح به صدره، وهو أن يعطيه فيرضى، وهذا يعمّ ما يعطيه من القرآن والهدى والنصر، وكثرة الأتباع، ورفع ذكره، وإعلاء كلمته، وما يعطيه بعد مماته، وما يعطيه في موقف القيامة، وما يعطيه في الجنّة (١)!

ونبصر في القسم -كما أسلفنا- بالآنيْن الرائقين (٢)، والربط بين ظواهر الكون ومشاعر النفس، ما يوحي إلى القلب البشري بالحياة الشاعرة المتجاوبة


(١) انظر: التبيان في أقسام القرآن: ٧٢ - ٧٥، وعدة الصابرين: ١٥٤ - ١٥٥، ومدارج السالكين: ٢: ٤٤٩.
(٢) في ظلال القرآن: ٦: ٣٩٢٦ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>