الساسة- أن يستخدم هذا في إقرار عقيدة التوحيد التي بعثه الله -عزّ وجلّ- بها، وفي تعبيد الناس لسلطان ربّهم بعد أن عبّدهم لسلطانه!
ولكن الحق تبارك وتعالى وجه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، منذ بدء الدعوة -كما عرفنا- إلى أن يصدع بـ (لا إله إلا الله)!، وأن يحتمل هو والقلة التي تستجيب له العناء!
وبعث الله عزّ وجل محمداً - صلى الله عليه وسلم - (الدّين القيّم)، دين الأمّة الوسط الخيّرة، والمجتمع العربيّ كأسوأ ما يكون توزيعاً للثروة والعدالة .. وكان في استطاعته - صلى الله عليه وسلم - أن يرفعها رايةً اجتماعيةً، وأن يثيرها حربًا على طبقة الأشراف، وأن يطلقها دعوةً تستهدف تعديل الأوضاع وردّ أموال الأغنياء على الفقراء!
ولو دعا هذه الدعوة لانقسم المجتمع العربيّ صفّين: الكثرة الغالبة فيه مع الدعوة الجديدة، في وجه طغيان المال وأصحابه، بدلًا من أن يقف المجتمع كله صفاً في وجه (لا إله إلا الله)! التي لم يرتفع إلى أفقها في ذلك الحين إلا الأفذاذ من الناس!
وربما قيل: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان خليقاً بعد أن تستجيب له الكثرة، وتوليه قيادها، فيغلب بها القلة من الناس ويسلس لها مقادها .. ومن ثم يستخدم مكانه يومئذ وسلطانه في إقرار عقيدة التوحيد التي بعثه بها ربّه، وفي تعبيد الناس لسلطان ربّهم بعد أن عبّدهم لسلطانه!
ولكن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يريد أن نعلم أن العدالة الاجتماعيّة لا بد أن تنبثق في المجتمع من تصوّر اعتقادي شامل كامل، يردّ الأمر كله لله، ويقبل عن رضي وعن طواعية ما يقضي به الله من عدالة في التوزيع، ومن تكافل بين الجميع،