إنهم وقد طهروا من عيب البخل، عليهم أن يتطهّروا من عيوب البذل، فإن للبذل عيوباً، وأن يتأدّبوا بأدب الإسلام فيه، فإن للبذل في الإسلام آداباً، فربّ بذل هو شرّ من البخل، وربّ عطاء خير منه الحرمان، كما صرح القرآن!
نعم، إن على الباذل -حين يبذل- أن ينظر في صفة ما يبذل، وفي قدر ما يبذل، وأن يعرف فيم يبذل، وكيف يبذل، ولم يبذل؟!
ثم عليه -في كل واحدة من هذه النظرات- أن يسترشد بهدي القرآن الكريم وتوجيهه الحكيم!
فلنبدأ بالتوجيهات القرآنيّة في انتقاء مادّة البر والعطاء!
كثير من الناس إذا انتخبوا عطاياهم -وبخاصة تلك العطايا التي تجمع بطريقة شعبيّة، لا يلتقي فيها المعطي والآخذ، ولا تعرف فيها شخصيّة المعطي ولا الآخذ، يختارونها من حثالة ما لهم، وسقط متاعهم، يخرجون من الثياب خشنها وغليظها، وباليها ومرقعها، ومن النعال مخصوفها وممزّقها، ومن الطعام ما بدا خبثه وغلثه، وسوسه وعفنه، مستبقين لأنفسهم أجود المال وأطيبه، يجعلون لله ما يكرهون، ولأنفسهم ما يشتهون!!
تلك نفسيّة لا تزال فيها بقيّة من شيمة البخل، تقصر بصاحبها عن رتبة البرّ، كما وصفه الله تعالى، أن نؤتي المال على حبّه، ونطعم الطعام على حبه!