للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه عدوّ نعمة الله ورحمته، لو استطاع أن يمنعها عن الغير لمنعها, ولو رآها وصلت إليه لتمنّى زوالها، وسعى سعيه لتحويلها!

هذه النفوس الشحيحة الطبع، لو وكلت على خزائن الله؛ لأغلقت أبوابها دون خلق الله، أو لحوّلت قليلاً منها إلى من تشاء، وصرفته عمن تشاء!

هكذا وصفها الله في كتابه الحكيم: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (١٠٠)} (الإسراء)!

{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ} (الزخرف: ٣٢)!

{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} (المؤمنون: ٧١)!

الحسود إذن ساخط على قضاء الله وقدره، غير راض عن حكمته في قسمته، وهذا أول باب من الكفر والمعصية ظهر في السماء، وأول باب من الكفر والمعصية ظهر في الأرض، حسد إبليس آدم، فأبى أن يسجد له، ثم حسد ابن آدم أخاه: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٣٠)} (المائدة)!

مثل الحاسدين أمام قافلة المقادير، كمثل الكلاب تنبح والقافلة تسير!

من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، وقدر الله نافذ على الحالين، لن يرد حسن الحاسدين منه شيئاً، ولن يحول مجراه قيد أنملة!

الحسد إذن محاولة عابثة فاشلة، بل نقول: إنه حركة يائسة، ورمية طائشة،

<<  <  ج: ص:  >  >>