المستقبل، كما يستعمل اليوم بمعنى زمان الحال، والأمس بمعنى زمن الماضي، وقد جمعها قول زهير:
واعلمُ عِلْمَ اليوم والأمس قبله ... ولكني عن علم ما في غدٍ عَمِ
وظاهر الآية اقتصار إعمالها على الإخبار بالعزم على فعل في المستقبل، دون ما كان من الكلام إنشاء مثل الأيمان، فلذلك اختلف فقهاء الأمصار في شمول هذه الآية لإنشاء الأيمان ونحوها، فقال جمهورهم: يكون ذكر {إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ} حلاًّ لعقد اليمين، يسقط وجوب الكفارة، ولعلهم أخذوه من معنى (شيء) في قوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ} إلخ: بحيث إذا أعقبت اليمين بقول {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ونحوه لم يلزم البرّ في اليمين، وروى ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكيم عن مالك أن قوله:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ} إلخ ... إنما قُصد بذلك ذكر الله عند السهو وليس باستثناء، يعني أن حكم الثنيا في الأيمان لا يؤخذ من هذه الآية، بل هو مما ثبت بالسنة، ولذلك لم يخالف مالك في إعمال الثنيا في اليمين. وهي قول:(إن شاء الله) وهذا قول أبي حنيفة والشافعي!
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} عطف على النهي، أي لا تَعدْ بوعد، فإن نسيت فقلت: إني فاعل، فاذكر ربك، أي اذكر ما نهاك عنه، والمَراد بالذكر التدارك، وهو هنا مشتق من الذُّكر -بضم الذال- وهو كناية عن لازم التذكر، وهو الامتثال، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه)!