للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تعريف الجلالة بلفظ الرب مضافاً إلى ضمير الخاطب دون اسم الجلالة الْعَلَم من كمال الملاطفة ما لا يخفى، وحذف مفعول {نَسِيتَ} لظهوره من المقام، أي إذا نسيت النهي فقلت: إني فاعل، وبعض الذين أعملوا آية {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} في حلّ الأيمان بذكر الاستثناء بمشيئة الله جعلوا قوله {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} ترخيصاً في تدارك الثنيا عند تذكر ذلك، فمنهم من لم يحد ذلك بمدّة، وعن ابن عباس: لا تحديد بمدّة، بل ولو طال ما بين اليمين والثنيا، والجمهور على أن قوله {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} لا دلالة فيه على جواز تأخيرِ الثنيا، واستدلوا بأن السنة وردت بخلافه! {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤)}.

لما أبرّ الله وعد نبيّه - صلى الله عليه وسلم - الذي وعده المشركين أن يبيّن لهم أمر أهل الكهف فأوحاه إليه، وأوقفهم عليه، أعقب ذلك بعتابه على التصدّي لمجاراتهم في السؤال عما هو خارج على غرض الرسالة، دون إذن من الله، وأمره أن يذكر نهي ربّه، ويعزم على تدريب نفسه على إمساك الوعد ببيان ما يسأل منه بيانه دون أن يأذن الله به، أمره هنا أن يخبر سائليه بأنه ما بعث للاشتغال بمثل ذلك، وأنه يرجو الله أن يهديه إلى ما هو أقرب من الرشد من بيان أمثال هذه القصة، وإن كانت هذه القصة تشتمل على موعظة وهدى، ولكن الهدى الذي في بيان الشريعة أعظم وأهم، والمعنى وقيل له: {عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤)} وهي جملة معطوفة على جملة {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ} ويجوز أن تكون عطفاً على جملة {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} أي اذكر أمره ونهيه، وقل في نفسك {عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤)}، أي ادع الله بهذا!

وانتصب {رَشَدًا} على تمييز نسبة التفضيل من قوله {لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا}

<<  <  ج: ص:  >  >>