للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يكون منصوباً على أنه مفعول مطلق مبيّن النوع فعل {أَن يَهْدِيَنِ} لأن الرشد نوع من الهداية، و {عَسَى} مستعملة في الرجاء تأدباً، واسم الإشارة عائد إلى المذكور من قصة أهل الكهف، بقرينة وقوع هذا الكلام معترضاً في أثنائها، ويجوز أن يكون المعنى: وارج من الله أن يهديك فيُذكرك ألا تَعِدَ وعْداً ببيان شيء دون إذن الله! (١)

في كلمة {عَسَى} وكلمة {لأَقْرَبَ} الدلالة على ارتفاع هذا المرتقى، وضرورة المحاولة الدائمة للاستواء عليه في جميع الأحوال! (٢)

ويطالعنا قوله جل شأنه: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (٢٥) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)} (الكهف)!

وهذا هو فصل الخطاب في أمرهم، يقرّره عالم غيب السموات والأرض، ما أبصره، وما أسمعه! سبحانه، فلا جدال بعد هذا ولا مراء!

والمعنى أن يقدر لبثهم بثلائمائة وتسع سنين، فَعُبِّر عن هذا العدد بأنه ثلاثمائة سنة، وزيادة تسع (٣)، ليعلم أن التقدير بالسنين القمريّة المناسبة لتاريخ العرب والإسلام، مع الإشارة إلى موافقة ذلك المقدار بالسنين الشمسيّة التي بها تاريخ القوم الذين منهم أهل الكهف، وهم أهل الروم!

وهذا إخبار من الله تعالى عن مقدار لبثهم، قال السهيلي (٤): ولكن لما علم استبعاد قريب وغيرهم من الكفار لهذا المقدار، وعلم أن فيه تنازعاً بين الناس،


(١) التحرير والتنوير: ١٥: ٣٠١.
(٢) في ظلال القرآن: ٤: ٢٢٦٦ بتصرف.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا الهامش ورد في المطبوع قبل موضعه الصحيح هذا بصفحات]
(٣) التحرير والتنوير: ١٥: ٣٠٠.
(٤) الروض الأنف: ٢: ٥٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>